التفاسير

< >
عرض

تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٥
-الشورى

لطائف الإشارات

أي تكاد السماوات تتشقق مِنْ عظمة مَنْ فوقهن وهو الله تعالى، والفوقية هنا فوقية رتبة؛ وذلك من شدة هيبتهن من الله.
ويقال مِنْ ثِقَلِ الملائكةِ الذين هم فوق السماوات لكثرتهم. وفي الخبر:
"أطت السماء أطاً وحق لها أن تئط؛ ما مِنْ موضع قَدَمٍ في السماوات إلا وعليه قائم أو راكع أو ساجد" .
ويقال إنه على عادة العرب إذا أخبروا عن شيء قالوا كادت السماوات تنشقُّ له.. وهنا لُقْبح قول المشركين ولجرأتهم على الله تعالى، ولعِظَم قولهم كادت السماوات تنشقُّ... قال تعالى: { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } [مريم: 89-91] وعلى هذا التأويل: { يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } أي إلى أسفلهن، أي تتفطر جملتُها.
ومع أنَّ أولادَ آدم بهذه الصفة إلا أن الملائكة يسبحون بحمد ربهم لا يفترون، ويستغفرون لمن في الأرض.. ثم قال: { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }: أي يغفر لهم مع كثرة عصيانهم. وفي الوقت الذي يرتكب فيه الكفارُ هذا الجُرْمَ العظيمَ بسبب شِرْكهم فإنه - سبحانه - لا يقطع رِزْقَه ونَفْعَه عنهم - وإنْ كان يريد أَنْ يعذِّبَهم في الآخرة.