التفاسير

< >
عرض

ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ
٦٧
يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٦٨
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ
٦٩
ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ
٧٠
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٧١
-الزخرف

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ }.
ما كان لغيرِ اللَّهِ فمآلُه إلى الضياع والأخلاءُ الذين اصطحبوا عَلَى مقتضى الهوى بعضهم لبعض عدو؛ يتبرَّأ بعضُهم من بعضَ، فلا ينفع أحدٌ أحداً.
وأمَّا الأخلاءُ في الله فيشفع بعضهم في بعض، ويتكلم بعضهم في شأن بعض، أولئك هم المتقون الذين استثناهم الله بقوله: { إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ }.
وشرط الخلَّة في الله؛ ألا يستعمل بعضُهم بعضاً في الأمور الدنيوية، ولا يرتفق بعضهم ببعضٍ؛ حتى تكونَ الصحبةُ خالصةً لله لا لنصيبٍ في الدنيا، ويكون قبولُ بعضهم بعض لأَجْلِ الله، ولا تجري بينهم مُداهَنَةٌ، وبقَدْرِ ما يرى أحدُهم في صاحبه من قبولٍ لطريقِ اللَّهِ يقبله؛ فإنْ عَلِمَ منه شيئاً لا يرضاه اللَّهُ لا يَرْضَى ذلك من صاحبه، فإذا عاد إلى تركه عاد هذا إلى مودته، وإلاّ فلا ينبغي أن يُساعدَه عَلَى معصيته، كما ينبغي أن يتقيه بقلبه، وأَلا يسكنَ إليه لغرضٍ دنيوي أو لطمعٍ أو لِعِوَض.
قوله جلّ ذكره: { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ }.
يقال لهم غداً: { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } مما يلقاه أهل الجمع من الأهوال، ولا أنتم تحزنون فيما قَصَّرْتُم من الأعمال...
أمَّا الذنوب.. فقد غفرناها، وأمَّا الأهوال.. فكفيناها، وأمَّا المظالم.. فقضيناها. فإذا قال المنادي: هذا الخطاب يُطْمِعُ الكلَّ قالوا: نحن عباده، فإذا قال:
{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ }.
أيِسَ الكفارُ، وقَوِيَ رجاءُ المسلمين.
قوله جلّ ذكره: { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ }.
في رياض الجنة، وترْتَعون.
ويقال: { تُحْبَرُونَ } من لذة السماع.
قوله جل ذكره: { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.
العُبَّاد لهم فيها ما تشتهي أنفُسهم لأنهم قاسوا في الدنيا - بحُكم المجاهدات - الجوعَ والعطشَ، وتحمَّلوا وجُوهَ المشاقِّ، فيُجازون في الجنةَ بوجوهٍ من الثواب.
وأمَّا أهل المعرفة والمحبّون فلهم ما يلذ أعينهم من النظر إلى الله لطول ما قاسوه من فَرْطِ الاشتياق بقلوبهم؛ وما عالجوه من الاحتراق لشدة غليلهم.