التفاسير

< >
عرض

وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٧٢
لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ
٧٣
إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
٧٤
لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٥
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ
٧٦
-الزخرف

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.
أي يقال لهم - والخطاب للمطيعين غداً -: أنتم يا أصحاب الإخلاص في أعمالكم؛ والصدق في أحوالكم:
{ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ }.
من الفاكهة الكثيرة تأكلون، وفي الأُنْس تتقبلون.
قوله جل ذكره: { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ }.
هؤلاء هم الكفار المشركون، فهم أهل الخلود، لا يُفْتَّرُ عنهم العذاب ولا يُخَفَّف.
وأمَّا أهل التوحيد: فقد يكون منهم قومٌ في النار. ولكن لا يخلدون فيها. ودليلُ الخطابِ يقتضي أنه يُفَتَّرُ عنهم العذاب. ورد في الخبر الصحيح: أنه لا يُميتهم الحقُّ - سبحانه - إماتةً إلى أن يُخْرِجَهم من النار - والميت لا يحسُّ ولا يتألم.
{ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ }.
الإبلاس من الخيبة ويدل ذلك على أن المؤمنين لا يأس لهم فيها، وإن كانوا في بلائهم فهم على وصف رجائهم؛ يعدون أيامهم إلى أن ينتهي حسابهم.
ولقد قال الشيوخ: إنَّ حالَ المؤمن في النار - من وجهٍ - أرْوَحُ لقلبه من حاله في الدنيا؛ فاليومَ - خوفُ الهلاكِ، وغداً - يقينُ النجاة، وأنشدوا:

عيبُ السلامةِ أنَّ صاحبَها متوقِّعٌ لقواصم الظَّهْرِ
وفضيلةُ البلوى تَرَقُّبُ أهلِها - عقبَ الرجاء - مودةَ الدهر

قوله جل ذكره: { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ }.
هذا الخطاب يُشْبِهُ كلمة العُذْر - وإن جلّ قَدْرُه - سبحانه - عن ذلك.