التفاسير

< >
عرض

مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ
١٥
-محمد

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ }.
كذلك اليومَ شأنُ الأولياء، فهم شرابُ الوفاء، ثم شرابُ الصفاء، ثم شرابُ الولاء، ثم شرابٌ حالَ اللقاء.
ولكلٍّ من هذه الأشربة عَمَلٌ، ولصاحبه سُكْرٌ وصحو؛ فَمَنْ تحسَّى شرابَ الوفاء لم ينظر إلى أحدٍ في أيام غيبته من أحبابه:

وما سَرَّ صدري مُنْذ شطَّ بك النوى أنيسٌ ولا كأس ولا متصرف

ومَنْ شَرِبَ كأسَ الصفاء خَلُصَ له عن كل شَوْبٍ، فلا كدورةَ في عهده، وهو في كلِّ وقتٍ صافٍ عن نَفْسِه، خالٍ من مُطَالَباته، قائمٌ بلا شُغلٍ - في الدنيا والآخرة - ولا أرَبٍ.
ومَنْ شَرِبَ كأسَ الولاء عَدِمَ فيه القرار، ولم يَغِبْ بِسرِّه لحظةً في ليلٍ أو نهار.
ومَنْ شَرِبَ في حال اللقاء أَنِسَ على الدوام ببقائه؛ فلم يطلب - مع بقائه - شيئاً أخَرَ من عطائه؛ لاستهلاكه في علائه عند سطوات كبريائه.