المراد من هذا السؤال إظهار براءة ساحته عما نسب إليه من الدعاء إلى القول بالتثليث، فهذا ليس خطاب تعنيف بل هو سؤال تشريف.
ثم إن عيسى - عليه السلام - حفظ أدب الخطاب فلم يُزَكِّ نَفْسَه، بل بدأ بالثناء على الحق - سبحانه - فقال: تنزيهاً لك! إنني أنزهك عما لا يليق بوصفك.
ثم قال: { مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } أي إني إن كنت مخصوصاً مِنْ قِبَلِكَ بالرسالة - وشرط النبوة العصمة - فكيف يجوز أن أفعل ما لا يجوز لي؟
ثم إني { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ }: كان واثقاً بأن الحقَّ - سبحانه - عليم بنزاهته من تلك القالة.
{ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي }: أي علمك محيطٌ بكل معلوم.
{ وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } أي لا أطلع على غيبك إلا بقدر ما تُعَرِّفُني بإعلامك. { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } الذي لا يخرج معلوم عن علمك، ولا مقدور عن حكمك.