التفاسير

< >
عرض

وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ
٢٠
وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ
٢١
وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
٢٢
-الذاريات

لطائف الإشارات

كما أَنَّ الأرضَ تحمل كلَّ شيء فكذلك العارف يتحمَّل كلَّ أحد.
ومَنْ استثقل أحداً أو تبرَّمَ برؤية أحدٍ فلِغَيْبته عن الحقيقة، ولمطالعته الخَلْقَ بعين التفرقة - وأهلُ الحقائق لا يتصفون بهذه الصفة.
ومن الآيات التي في الأرض أنها يُلْقَى عليها كلُّ قذارةٍ وقمامة - ومع ذلك تُنْبِتُ كلَّ زَهْرٍ ونَوْرٍ...كذلك العارف يتشرب كلَّ ما يُسْقَى من الجفاء، ولا يترشح إلاَّ بكل خُلُقٍ عَلِيّ وشيمةٍ زكيَّة.
ومن الآيات التي في الأرضِ أنّ ما كان منها سبخاً يُتْرَكُ ولا يُعَمَّر لأنه لا يحتمل العمارة - كذلك الذي لا إيمانَ له بهذه الطريقة يُهْمَل، فمقابلته بهذه الصفة كإلقاء البذر في الأرض السبخة.
{ وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ }: أي وفي أنفسكم أيضاً آيات، فمنها وقاحتها في همتها، ووقاحتها في صفتها، ومنها دعاواها العريضة فيما ترى منها وبها، ومنها أحوالها المريضة حين تزعم أَنَّ ذَرّةً أو (...) بها أو منها.
{ وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }: أي قسمة أرزاقكم في السماء، فالملائكة الموَكَّلون بالأرزاق ينزلون من السماء.
ويقال: السماء ها هنا المطر، فبالمطر ينبت الحَبُّ والمرعى.
ويقال: على رب السماء أرزاقكم لأنه ضَمنَها.
ويقال: قوله: { وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ } وها هنا وقف ثم تبتدىء: { وَمَا تُوعَدُونَ }.