قوله جلّ ذكره: {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ}.
أي سلَّمنا عليك {سَلاَماً} فقال إبراهيم: لكم مني {سَلاَماً}.
وقولُهم: {سَلاَماً} أي لك منّا سلام، لأنَّ السلامَ: الأمانُ.
{قَوْمٌ مُّنكَرُونَ}: أي أنتم قوم منكرون؛ لأنه لم يكن يعرف مِثْلَهم في الأضياف ويقال: غُرَبَاء.
قوله جلّ ذكره: {فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ}.
أي عَدَلَ إليهم من حيث لا يعلمون وكذلك يكون الروغان.
{فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} فشواه، وقرَّبه منهم وقال: {أَلاَ تَأْكُلُونَ}؟ وحين امتنعوا عن الأكل:
{فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ}.
تَوَهَّمَ أنهم لصوص فقالوا له: {لاَ تَخَفْ}.
{وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ}: أي بَشَّروه بالوَلد، وببقاء هذا الوَلَدِ إلى أن يصير عليماً؛ والعليم مبالغة من العلم، وإنما يصير عليماً بعد كبره.
{فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}.
{فِي صَرَّةٍ} أي في صيحة شديدة، {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} أي فضربت وجهها بيدها كفعل النساء {وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}: أي أنا عجوز عقيم. وقيل: إنها يومَها كانت ابنةَ ثمانٍ وتسعين سنة، وكان إبراهيمُ ابنَ تسع وتسعين سنة.
{قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ}.
أي قلنا لكِ كما قال ربُّكِ لنا، وأنْ نُخْبِرَكِ أنَّ اللَّهَ هو المُحْكِمُ لأفعالِه، {ٱلْعَلِيمُ} الذي لا يخفى عليه شيء.
{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ}؟.
سألهم: ما شأنُكم؟ وما أمرُكم؟ وبماذا أُرْسِلْتُم؟
{قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ}.
هم قوم لوط، ولم نجد فيها غيرَ لوطٍ ومَنْ آمن به.
قوله جلّ ذكره: {وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ}.
تركنا فيها علامةً يعتبر بها الخائفون - دون القاسية قلوبهم.
قوله جلّ ذكره: {وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ}.
أي بحجة ظاهرة باهرة.
... إلى قوله: {وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47]: أي جعلنا بينهما وبين الأرض سعة، "وإنا لقادرون": على أن نزيد في تلك السعة.