قوله جلّ ذكره: { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ }.
الذنوبُ كلُّها كبائر لأنها مخالِفةٌ لأمر الله، ولكن بعضَها أكبرُ من بعضٍ. ولا شيءَ أعظمُ من الشِّرك. { وَٱلْفَوَاحِشَ } المعاصي.
{ إِلاَّ ٱللَّمَمَ }: تكلموا فيه، وقالوا: إنه استثناء منقطع، واللمم ليس بإثم ولا من جملة الفواحش.
ويقال: اللمم من جملة الفواحش ولكن فيها اشتباهاً - فأخبر أنه يغفرها.
ويقال: اللمم هو أن يأتيَ المرءُ ذلك ثم يُقْلِعَ عنه بالتوبة.
وقال بعضُ السَّلَفِ: هو الوقعة من الزِّنا تحصل مرةً ثم لا يعود إليها، وكذلك شرب الخمر، والسرقة... وغير ذلك، ثم لا يعود إليها.
ويقال: هو أن يهم بالزَّلَّة ثم لا يفعلها.
ويقال: هو النَّظَر. ويقال: ما لا حدَّ عليه من المعاصي، وتُكَفِّر عنه الصلوات. (والأصحُّ أنه استثناء منقطع وأن اللمم ليس من جملة المعاصي).
قوله جلّ ذكره: { إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ }.
{ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ }: يغني خَلْقَ آدم.
ويقال: تزكيةُ النَّفْسِ من علامات كَوْنَ المرءِ محجوباً عن الله؛ لأنَّ المجذوب إلى الغاية والمستغرق في شهود ربِّه لا يُزكِّي نفسه.
{ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ }: لأنه أعلمُ بكم منكم.
ويقال: مَنْ اعتقد أنَّ على البسيطة أحداً شرٌّ منه فهو مُتَكَبِّرٌ.
ويقال: المسلمُ يجب أنْ يكونَ بحيث يرى كلَّ مسلمٍ خيراً منه: فإن رأى شيخاً، قال: هو أكثرُ منِّي طاعةً وهو أفضلُ منِّي، وإنْ رأى شاباً قال: هو أفضلُ مني لأنه أقلُّ منِّي ذَنْباً.