التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
١٣
خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ
١٤
وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ
١٥
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
١٦
رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ
١٧
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
١٨
-الرحمن

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }.
فبأي آلاء ربكما تجحدان؟ والآلاءُ النَّعماء.
والتثنيةُ في الخطاب للمُكلَّفين من الجِنِّ والإِنس.
ويقال: هي على عادة العرب في قولهم: خليليَّ، وقِفَا، وأرحلاها بأغلام، وأرجراها بأغلام.
قوله جلّ ذكره: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ }.
{ ٱلإِنسَانَ }: يعني آدم، والصلصالُ الطينُ اليابس الذي إذا حُرِّكَ صَوَّتَ كالفخار. ويقال: طين مخلوط بالرمل.
ويقال: مُنَتَّنٌ؛ من قولهم صَلَّ وأَصَلَّ إذا تَغيرَّ.
{ وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ }.
المارج: هو اللهب المختلط بواد النار.
{ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }.
يُذَكِّرُ الخَلْقَ من الجن والإنس كما سبق - وكرَّر اللَّهُ سبحانه هذه الآية في غير موضع على جهة التقرير بالنعمة على التفصيل، أي نعمةً بعد نعمة.
ووجُه النعمة في خلق آدم من طين أنه رقاه إلى رتبته بعد أن خلقه من طين.
ويقال ذَكَّرَ آدمَ نِسبتَه وذكَّرنا نسبَتنا لئلا نْعَجبَ بأحوالنا.
ويقال عَرَّفَه قدَرَه لئلا يتعدَّى طَوْرَه.
قوله جلّ ذكره: { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }.
{ ٱلْمَشْرِقَيْنِ }: مشرق الصيف ومشرق الشتاء وكذلك مغربيهما.
ووجه النعمة في ذلك جريانهما على ترتيب واحدٍ حتى يكمل انتفاع الخَلْقِ بهما.
ويقال: مشرق القلب ومغربه، وشوارق القلب وغواربه إنما هي الأنوار والبصائر التي جرى ذِكْرُ بعضها فيما مضى.