التفاسير

< >
عرض

وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً
٧
فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ
٨
وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ
٩
وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ
١٠
أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ
١١
فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
١٢
-الواقعة

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ }.
{ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ }؟ على جهته التفخيم لشأنهم والتعظيم لِقَدْرهم وهم أصحاب اليمن والبركة والثواب.
{ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ }: على جهة التعظيم والمبالغة في ذَمِّهم،وهم أصحاب الشؤم على أنفسهم ويقال: أصحاب الميمنة هم الذين كانوا في جانب اليمين من آدم عليه السلام يومَ الذَّرِّ، وأصحاب المشأمة هم الذين كانوا على شماله.
ويقال: الذين يُعْطُوْن الكتابَ بأَيمْانهم، والذين يُعْطَوْن الكتاب بشمائلهم.
ويقال: هم الذين يُؤْخَذُ بهم ذات اليمين.. إلى الجنة، والذين يُؤْخَذُ بهم ذات الشمال.. إلى النار.
{ وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ }: وهم الصف الثالث. وهم السابقون إلى الخصال الحميدة، والأفضال الجميلة.
ويقال: السابقون إلى الهجرة. ويقال: إلى الإسلام. ويقال: إلى الصلوات الخمس.
ويقال: السابقون بصدْق القَدَم. ويقال: السابقون بعُلُوِّ الهِمَم. ويقال: السابقون إلى كل خير. ويقال السابقون المتسارعون إلى التوبة من الذنوب فيتسارعون إلى النَّدمَ إن لم يتسارعوا بصدق القَدَم.
ويقال: الذين سبقت لهم من الله الحسنى فسبقوا إلى ما سبق إليه:
{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ }.
ولم يقل: (المتقربون) بل قال: أولئك المُقَرَّبون - وهذا عين الجَمْع، فعَلِمَ الكافة أنهم بتقريب ربهِّم سبقوا - لا بِتقَرُّبهم.
{ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ }.
أي: في الجنة. ويقال: مقربون إلا من الجنة فمحال أن يكونوا في الجنة ثم يُقَرَّبون من الجنة، وإنما يُقَرَّبُون إِلى غير الجنة: يُقَرَّبون من بِساط القربة..
وأنَّى بالبساط ولا بساط؟! مقربون.. ولكن من حيث الكرامة لا من حيث المسافة؛ مُقَرَّبةٌ نفوسُهم من الجنة وقلوبهُم إلى الحقِّ.
مُقَرَّبةٌ قلوبهُم من بساط المعرفة، وأرواحُهم من ساحات الشهود - فالحقُّ عزيز..لا قُرْبَ ولا بُعْدَ، ولا فَصْلَ ولا وَصْلَ.
ويقال: مقربون ولكن من حظوظِهم ونصيِبهم. وأحوالُهم - وإنْ صَفَتْ - فالحقُّ وراء الوراء.