التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
٢
وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٣
-المجادلة

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }.
قَوْلُ الذين يقولون لنسائهم - جرياً على عادة أهل الشِرْكِ - أنتِ عليَّ كظهر أمي.. هذا شيءٌ لم يَحْكُمْ الله به؛ ولا هذا الكلامُ في نَفْسِه صِدْقٌ، ولم يثبت فيه شَرْعٌ، وإنما هو زورٌ مَحْضٌ وكَذِبٌ صِرْفٌ.
فَعَلِمَ الكافةُ أن الحقائق بالتلبيسِ لا تتعزّز؛ والسَّبَبُ إذا لم يكن صحيحاً فبالمعاودةِ لا يثبت؛ فالمرأةُ لمَّا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولَه "بِنْتِ عنه" - كان واجباً عليها السكونُ والصبرُ؛ ولكنَّ الضرورةَ أنطقتها وحَمَلتْهَا على المعاودة، وحصلت من ذلك مسألة: وهي أن كثيراً من الأشياء يحكم فيها ظاهرُ العلمِ بشيء؛ ثم تُغَيِّر الضرورة ذلك الحُكْمَ لصاحبها.
قوله جلّ ذكره: { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }.
الظَّهار - وإن لم يكن له في الحقيقة أصل، ولا بتصحيحه نطق أو دلالة شرع، فإنه بعد ما رُفعَ أمرُه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولوّح بشيء ما، وقال فيه حُكمه، لم يُخِلْ الله ذلك من بيانٍ ساق به شَرعه؛ فقضى فيه بما انتظم جوانب الأمر كلِّه.
فارتفاعُ الأمر حتى وصوله إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، والتحاكُم لديه حَمَّل المتعدِّي عناء فعلته، وأعاد للمرأة حقَّها، وكان سَبيلاً لتحديد المسألة برُمَّتها... وهكذا فإنَّ كلَّ صعبٍ إلى زوالٍ... وكلُّ ليلة - وإنْ طالَتْ - فإلى إسفار.