التفاسير

< >
عرض

تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١
ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ
٢
ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ
٣
-الملك

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
تَقَدَّسَ وتعالَى، مَنْ إحسانُه تَواتَرَ وتَوالَى، فهو المتكبِّرُ في جلالِ كبريائه، المتجرِّد في علاءِ بهائه ودوامِ سنائه.
{ بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ }: بقدرته إظهارُ ما يريد، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
{ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ }.
خَلَقَ الموتَ والحياةَ، ابتلاءً للخَلْق، يختبرهم ليَظْهَر له شكرانهُم وكفرانُهم، كيف يكونان عند المحنة في الصبر وعند النعمة في الشكر - { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ }.
{ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ }.
عَرَّفَهم كمالَ قدرتِه بدلالاتِ خَلْقِه، فَمسَك السماءَ وأمسكها بلا عَمدَ، ورَكَّبَ أجزاءَها غيرَ مُسْتعينٍ بأحدِ في خَلْقِها، وبالنجومِ زَيَّنهَا، ومِنَ استراقِ سمعِ الشياطين حَصَّنها، وبغيرِ تعليم مُعلِّم أحكمها وأتقنها.
{ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ }؟: لا ترى فيما خَلَقَ تفاوتاً ينافي آثارَ الحكمة ولا يدل على كمال القدرة.
ويقال: ما ترى فيها تفاوتاً، في استغنائه عن الجميع... ما ترى فيها تفاوتاً في الخَلْقِ؛ فَخْلقُ الكثير واليسير عنده سيَّان، فلا يَسْهُلُ عنده القليلُ ولا يَشُقُّ عليه الكثير؛ لأنه مُتَنَزَّهٌ عن السهولة عليه ولحوقِ المشقة به.
فأنْعِمْ النظرَ، وكَرِّر السِّبْرَ والفِكْرَ... فلن تجد فيها عيباً ولا في عِزِّه قصوراً.