التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١
قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢
أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ
٣
يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٤
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً
٥
فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً
٦
وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً
٧
-نوح

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
أرسلنا نوحاً بالنبوَّةِ والرسالة. { أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ } أي بأن أنذرهم وإرسالُ الرُّسُل من الله فضلٌ، وله بحق مُلْكه ان يفعل ما أراد، ولم يجبْ عليه إرسالُ الرُّسُلِ لأن حقيقته لا تقبل الوجوب.
وإرسالُ الرسلِ إلى مَنْ عَلِمَ أنه لا يَقْبَل جائز، وتكليفُهم من ناحية العقل جائز فنوحٌ - عَلِمَ منهم أَنهم لا يقبلون.. ومع ذلك بَلَّغ الرسالة وقال لهم: { إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }.
قوله جلّ ذكره: { قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }.
{ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } مِنْ هنا للجنس لا للتبعيض كقوله تعالى:
{ فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [الحج: 30].
ويقال: ما عملوه دون ما هو معلوم أنهم سيفعلونه؛ لأنه لو أخبرهم بأنه غفر لهم ذلك كان إغراءً لهم.. وذلك لا يجوز. فأبوا أن يَقْبَلوا منه، فقال:
{ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً }.
بَيّنَ أَنّ الهداية ليست إليه، وقال: إنْ أَرَدْتَ إِيمانَهم فقلوبُهم بقدرتك - سبحانك.
قوله جلّ ذكره: { وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً }.
وإِنِّي ما ازدَدْتُ لهم دعاءً إلا ازدادوا إصراراً واستكباراً.
ويقال: لمَّا دام بينهم إصرارُهم تَولَّدَ من الإصرار استكبارُهم، قال تعالى:
{ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } [الحديد: 16].