التفاسير

< >
عرض

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ
١
ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
٢
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
٣
أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ
٤
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ
٥
يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٦
-المطففين

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ }
{ وَيْلٌ }: الويلُ كلمةٌ تُذْكَر عند وقوع البلاء، فيقال: ويلٌ لك، وويلٌ عليك! و "المطفّف"، الذي يُنْقِصُ الكيْلَ والوزنَ، وأراد بهذا الذين يعامِلون الناس فإذا أخذوا لأنفسهم استوفوا، وإذا دفعوا إِلى من يعاملهم نقصوا، ويتجلَّى ذلك في: الوزن والكيْلِ، وفي إظهار العيب، وفي القضاء والأداء والاقتضاءْ؛ فَمَنْ لم يَرْضَ لأخيه المسلم ما لا يرضاه لنفسه فليس بمنصف. وأمَّا الصِّدِّيقون فإنهم كما ينظرون للمسلمين فإنهم ينظرون لكلِّ مَنْ لهم معهم معاملة - والصدقُ عزيزٌ، وكذلك أحوالهم في الصُّحْبَةِ والمعاشرة... فالذي يرى عَيْبَ الناسِ ولا يرى عيبَ نَفْسِه فهو من هذه الجملة - جملة المطففين - كما قيل:

وتُبْصِرُ في العينِ منِّي القَذَى وفي عينِكَ الجذْعَ لا تُبْصِرُ

ومَنْ اقتضى حقَّ نَفْسه - دون أن يَقْضِيَ حقوق غيره مثلما يقتضيها لنفسه - فهو من جملة المطففين.
والفتى مَنْ يقضي حقوق الناس ولا يقتضي من أحدٍ لنفسه حقّاً.
قوله جلّ ذكره: { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.
أي: ألا يستيقن هؤلاء أنهم مُحَاسَبون غداً، وأنهم مُطَالَبون بحقوق الناس؟.
ويقال: مَنْ لم يَذْكُرْ - في حال معاملةِ الناسِ - معاينة القيامة ومحاسبتها فهو في خسرانٍ في معاملته.
ويقال: مَنْ كان صاحبَ مراقبة لله ربِّ العالَمين استشعر الهيبةَ في عاجلِهِ، كما يكون حالُ الناسِ في المحشر؛ لأنَّ اطلاعَ الحقِّ اليومَ كاطلاعه غداً.