التفاسير

< >
عرض

سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ
١
ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ
٢
وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ
٣
وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ
٤
فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ
٥
-الأعلى

لطائف الإشارات

قوله جلّ ذكره: { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ }.
أي سَبِّحْ ربَّك بمعرفة أسمائه، واسبح بسِرِّك في بحار علائه، واستخرِجْ من جواهر عُلوِّه وسنائه ما ترصِّعُ به عِقْدَ مَدْحِه وثنائه.
{ ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ }.
خَلق كلَّ ذي روحٍ فسوَّى أجزاءَه، ورَكَّبَ أعضاءَه على ما خَصّه به من النظم العجيب والتركيب البديع.
{ وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ }.
أي قدَّر ما خَلَقَه، فجَعَلَه على مقدار ما أراده، وهدى كلَّ حيوانٍ إلى ما فيه رشده من المنافع، فيأخذ ما يُصْلِحه ويترك ما يضره - بحُكم الإلهام.
ويقال: هَدَى قلوبَ الغافلين إلى طلب الدنيا فعمروها، وهدى قلوبَ العابدين إلى طلب العقبى فآثروها، وهدى قلوبَ الزاهدين إلى فناء الدنيا فرفضوها، وهدى قلوبَ العلماءِ إلى النظر في آياته والاستدلال بمصنوعاته فعرفوا تلك الآيات ولازموها.
وهدى قلوبَ المريدين إلى عِزِّ وَصْفِه فآثروه، واستفرغوا جُهْدَهم فطلبوه، وهدى العارفين إلى قُدْس نعتِه فراقبوه ثم شاهدوه، وهدى الموحِّدين إلى علاء سلطانه في توحد كبريائه فتركوا ما سواه وهجروه، وخرجوا عن كلِّ مألوفٍ لهم ومعهود حتى قصدوه. فلمّا ارتقوا عن حدِّ البرهان ثم عن حدِّ البيان ثم عمَّا كالعيان عَلِموا أنَّه عزيزٌ، وأنَّه وراءَ كلِّ فَصْلٍ ووَصْلٍ، فرجعوا إلى مواطنِ العَجْزِ فتوسَّدوه.
{ وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ }.
أي النبات.
{ فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ }.
جعله هشيماً كالغثاء، وهو الذي يقذفه السيل. و "أحوى" أسود.