التفاسير

< >
عرض

قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا
٩
وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا
١٠
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ
١١
إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا
١٢
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا
١٣
فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا
١٤
وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا
١٥
-الشمس

لطائف الإشارات

قوله جل ذكره: { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا }.
هذا جواب القَسَم. أي "لقد أفلح من زكاها".
ويقال: مَنْ زكَّاه اللَّهُ عزَّ وجلَّ.
{ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }.
أي: دسَّاها الله. وقيل: دسَّها في جملة الصالحين وليس منهم.
وقيل: خاب مَنْ دسَّ نَفْسَه بمعصية الله. وقيل دسَّاها: جعل خسيسةً حقيرةً. وأصل الكلمة دسسها.
قوله جل ذكره: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ }.
{ بِطَغْوَاهَآ }: لطغيانها، وقيل: إن صالحاً قد مات، فكَفَر قومُه، فأحياه اللَّهُ، فدعاهم إلى الإيمان، فكذَّبوه، وسألوه علامةً وهي الناقة، فأتاهم صالح بما سألوا.
{ إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا }.
"أشقاها" عاقِرُها.
{ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا }.
أي: احذروا ناقةَ اللَّهِ، واحذروا سقياها: أي لا تتعرَّضوا لها.
{ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا }.
أي كذَّبوا صالحاً، فعقروا الناقة.
{ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا }.
أي: أهلكهم بجُرْمِهم "فسوَّاها": أي أَطبق عليهم العذاب.
ويقال: سَوَّى بينهم ربُّهم في العذاب لأنهم كلهم رضوا بعقر الناقة.
قوله جل ذكره: { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا }.
أي: أن الله لا يخاف عاقبة ما فَعَلَ بهم من العقوبة.
ويقال: قد أفلح مَنْ دَاوَمَ على العبادة، وخابَ مَنْ قصَّرَ فيها.
وفائدة السورة: أنه أفلح مَنْ طَهَّرَ نَفْسَه عن الذنوب والعيوبِ، ثم عن الأطماع في الأعواض والأغراض، ثم أبْعَدَ نَفْسَه عن الاعتراض على الأقسام، وعن ارتكاب الحرام. وقد خابَ من خانَ نَفْسَه، وأهملها عن المراعاة، ودَنَّسَهَا بالمخالفات، فلم يرضَ بعَدَم المعاني حتى ضمَّ إلى فَقْرِها منها الدعاوى المظلمة.. فغرقت في بحرِ الشقاء سفينَتُه.