التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٢٢
فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٣
إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢٤
وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٢٥
لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٦
-يونس

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } ذكر الله سبحانه عجائب احوال العارفين فى هذه الاية اى يسير نفوسكم فى بر المجاهدات ويسير قلوبكم فى بحر المشاهدات وايضاً يسير عقولكم فى بر الايات ويسير قلوبكم وارواحكم فى بحر الصفات والذات ثم وصف سير القلوب والارواح فى بحار الذات والصفات بقوله { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ } اى فى كنف الرعاية الازلية ولولا ذلك الفلك كيف يجرى الحدث فى انوار بحار القدم جرت القلوب فى بحار الصفات بعناية الذات لا بها اذ هى فى قبضة ملكه وملكوته واصابع انوا رجبروته يقلبها بسفن قبضه فى انوار صفته وذلك قوله { وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } ريح الكرم والعناية لسيرها بريح نطفه فى بحار الازال والاباد وما اطيب مهب صبا وصاله فى قلوب العاشقين والوامقين انشد

الا يا نسيم الريح ما لك كلما تقربت منا زاد نشرك طنينا
أظن سليمى جزت بسقامنا فاعطتك رياها فجئت طبيبنا

ففرحت القلوب يسيرها فى الوصال بطيب ريح الجمال وذلك قوله { وَفَرِحُواْ بِهَا } نشطوا بالله على الله فلما سكنوا فى مجالس الوصال وتمتعوا بحسن الجمال عادت عليهم غيرة القدم وارادت ان يخرجها من ساحة القدم وبساطين الكرم الى معادنها من العدم وهكذا عادة العشق بذيق العاشق من الفراق بعد ذوق الوصَال وذلك قوله { جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } فذروها عواصفات قهر الازل وتحيطها امواج بحار الابد وفارقها طيب ريح الوصال وحسن لطائف الجمال وبقيت فى امواج عظمة الكمال قال قائلهم

فبتنا على زعم الحسود وبيننا شراب كريح المسك شيب به الخمر
فوسدتها كفى وبت صحيفها وقلت لليلى طل فقدر قدر البدر
فلما اضاء الصبح فوق بيننا واى نعيم لا يدره الدهر

وانشد ايضاً

اقمنا زمانا والعيون قريرة واصبحت يوما والجفون سواكب

فلما وصلت القلوب الى قاموس الكبرياء وكادت تفنى بامواج البهاء قرت منه اليه واستعاذت من قهره بلطفه بقوله { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } دعوا الله بالله بعد استماع مناداة الله بعد التبرى من غير الله وبنعت بذل الموجود لله { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } اى لئن تخلصنا من قهر غيرتك والغرق فى بحار الوهيتك لانا نحن الحدث والحدث لا يورى القدم فوفقنا برؤية جمال نباتك لنبق ببقائك معك فى بقائك ونشكرك بك لابناً فلو اردت فبأنا كيف نبقى معك فاذا وجب علينا شكر البقاء مع بقائك وشكرنا معرفة عجزنا عن حمل شكرك حيث شكرت نفسك بشكرك القديم المنزه عن شكر الشاكرين قيل يسيركم فى برادى الشوق و بحار القربة حتى اذا كنتم فى الفلك يعنى فى القبعنة والاسر وهبته رياح الكرم على المريدين الذين هم فى الطريق وفرحوا بما يلحقهم من العناية والرعاية جاءتها ريح عاصف اتت علىهم من موارد القدرة ما افناهم من صفاتهم وحيزهم فى طريقيهم وجاءتهم امواج القهر وقهرهم عملهم وظنوا عنهم احيط بهم توهموا انهم من الهالكين فى امواج وهم المطهرون الاخبار عن الله مخلصين له الدين تركوا ما لهم وبهم وعليهم من الاختيار والتدبير ورجعوا الى حد التفويض والتسليم فنجوا وقال بعضهم سير العباد والزهاد بالانفس فى البر وهو الدرجات والمنازل وسير العارفين بالقلوب فى البحر وفيها الامواج والاخطار ولكن سير شهر فى يوم

كدار حجر البيوت لهن ريش ولكن لا يطرن مع الحمامة

وقال بعضهم هو الذى يسيركم فى البر هو الصفات وفى البحر استغراقاً فى الذات وقا لبعضهم يسيركم فى البر الاستدلالات بالوسائط والبحر غلبات الحق بلا واسطة وقال النورى فى قوله مخلصين له الدين المخلص فى دعائه من لا يصحبه من نفسه شئ سوى رؤية من يدعوه ثم وصف الله سبحانه اهل بحار السكر الذين دعوا بالسكر بعد نجاتهم منه به لانهم رجعوا الى ما لم يكن لهم من كشف الاسرار وهتك الاستار بقوله { فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } فلما نجوا من طوفان الفناء فى سطوات الازل بقوا بنعت السكر فى مقام البقاء ادعوا الانائية تجاوزوا عن حد العبودية بسكرهم فى جمال الربوبية ثم خوفهم سبحانه عن ملازمة احاطة انوار عظمته عليهم بعد رجوعهم من السكر الى الصمة بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } اى يرجع اليكم ما ادعيتم لا الى القدم فانه منزه عن النظر والتحاد بالخليقة وكل ما ذكرتم من ذكرى ودعواكم بقربى فى اتم معانيه فهو مردود عليكم فان ساحة الكبرياء مقدسة عن ادراك الفهوم جلال قدر الازل تعالى الله مما خطر على قلب بشر قال الواسطى البغى يحدث عن ملاحظة النفس ورؤية ما خدع به كما قيل لذى النون ما اخفى ما يخدع به العبد قال الالطاف والكرامات ورؤية الايات قال ابن عطا فى قوله حتى اذا كنتم الاية حتى اذا ركبوا مراكب المعرفة وجرت بهم رياح العناية وطابت نفوسهم وقلوبهم بذلك وفرحوا بقصدهم الى مقصودهم جاءتها ريح عاصف افنتهم عن احوالهم وارادتهم وجاءهم الموج من كل مكان فزالت عنهم اخطار سعيهم وظنوا انهم احيط بهم يتفنوا انهم ماخوذون عنهم ولم يبق لهم ولا عليهم صفة يرجعون اليها وان الحق حضتهم من بين عباده بان سلبهم عن اياهم ولانه لا شئ لهم ولا صفة دعو الله مخلصين له الدين صفا الحق اسرارهم له حتى اخلصوا الدعاء وخلصوا له سرا وعلناً فلما نجاهم اذا هم يبغون فى الارض بغير الحق فلما اردهم الى اوصافهم واشباحهم رجعوا الى ما عليه عوام الخلق من طلب ما يصح للنفوس ثم ان الله ضرب مثلا لمن سلك الطريق بالجهل وغير الاقتداء باهل المعرفة ان جميع سعيه يكون هباء منثورا بقوله { إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } اول رعبة السالك مثل الماء الذى وصل الى البذر فى الارض عند شروعه فى المجاهدات والرياضات لقوله { فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } فكثر عليه الاعمال الوافرة المتنوعة من تصفية القلب { مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ } ورياضة النفس مما ياكل الانعام فتمكن فى العبادات وصفاء الاوقات وفرح بما يتسهل اليه من شمائل الطائفه { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا } بهجة العبادات وزينة الطاعات وظن انها يجرى بمواده الى المال { وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ } فيخرج عليه عساكر القهريات من مكمن الافات مع فادته والعجب والرياء منه { أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً } فلما تعجب بنفسه وراى اعماله نجى عليه النفس والشيطان ويغريانه بالعجب والرياء والسمعة فجاء قهر الله بفصاحته من عند ليالى قبايحه او نهار طاعاته فجعلها هباء منثورا كقوله { فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } وهذا المثل لا يعرفه الا من له نظ رالاعتبار ونور الاستبصار لقوله { كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } نعوذ بالله من قهر الله ما اطيب زمان الارادة والرقة والصفاء يا ليت لو يبقى المريد فى شانه لكن يغرقه قهر الغيرة فى بحر الوساوس والمخائيل والراياء والسمعة حتى لا يجد من زمان الصفاء فى قلبه ذرة

فقدناه لما تم واعتم بالعلى كذلك كسوف البدر عند تمامه

ويقال كما ان الربيع يتورد اشجاره ويظهر ازهاره ويخضر رباعه ويتزين بالنبات الوها ماده وطلاعه ثم لا نؤمن ان مصيبة امة من غير ارتقاب وينقلب الحال بما لم يكن فى حساب كذلك من الناس من يكون احواله صافية واعماله بشرط الجلوس زاكية وغصون انسه متدلية ورياض قربه مونقه ثم مصيبه عين فيذيل عود وصاله وينسد ابواب عقائد اقباله كما قيل

عين اصابتك ان العين صايبة والعين تسرع احيانا الى الحسن

قال رجل لابى محمد الحريرى رحمة الله عليه كنت على بساط الانس وفتح لى طريق الى البسط فزللت زلة وحجبت عن مقامى فكيف السبيل اليه دلنى على الوصول الى ما كنت عليه فبكى ابو محمد وقال يا اخى الكل فى قهر هذه الحظة لكن انشداه ابياتا لبعضهم فانشأ يقول

قل بالديار فهذه اثارهم تبكى الاحبة حسرة وتشوقا
كم قد وقفت بها اسائل مخبرا عن اهلها اوصادقا او ===
فاجابنى داعى الهوى فى رسمها فارقت من تهوى فعز الملتقى

ثم ان الله سبحانه يدعوا للعباد من هذه الدا رالفانية الى الدار الباقية لئلا يفتتنوا بزخرفها وغرورها ويصلوا الى جواره ونعيم مشاهدته بقوله { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } السالكين الى الجنة ويهدى المجذوبين الى المشاهدة وايضا يدعو الجميع الى داره ويهدى خواص العارفين الى وصاله الجوار لعموم من الفرقة والفوز والوصال للخصوص داره فى الدنيا قلوب العارفين كان فيها سلامة القربة وانوار المشاهدة وفيها صراط الله المستقيم الذى تسهى فيه عساكر تجلى جماله الى قلوب العارفين وتسرى هممهم فيه الى مصاعد قرب رب العالمين ولكن لا يهدى اليها الا من نشاء من خواص المريدين والصادقين والاشارة فى الدعاء الى دار السلام ان السلام هو الله المنزلة عن علل الحدثان يدعوا الى جواره المبرئ من الالوان المتصف بصفة الرحمن واهل هذه الدعوة على نكث مراتب اهل الدار واهل المشاهدة واهل الوصال الدار لاهل الايمان والمشاهدة لاهل الايقان والوصال لاهل العرفان يدعوا هل الايمان الى داره وينادى اهل الايقان بتربهم من مشاهدته ويهدى اهل معرفته بعد ادراكهم وصاله الى معرفة شمائل صفاته ولطائف انوار ذاته لان هناك الطوق المستقيم حيث عرف نفسه لعارفيه قال ابو سعيد القرشى خرجت هداية المريد من الاجتهاد فى قوله والذين جاهدوا فينا وخرجت هداية المراد من المشية وهو قوله ويهدى من يشاء هو الفرق بين المريد والمراد وقال القسم الدعوة عامة والهداية خاصة بل الهداية عامة والصحبة خاصة بل الصحبة === الاتصال خاص وقال بعضهم لا ينفع الدعوة لمن لم يسبق له من الله الهداية وقال جعفر عملت الدعوة فى السر فتجللت بها وركنت اليها وقال ايضا ما طلبت الجنة الا بالسلام وانما اختارك بهذه الخصائص لكيلا يختار عليه احدا وقال بعضهم يجعوا الى دار السلام بالاداب ويهدى من يشاء للحقائق والمعارف وقال بعضهم الدعوة لله والهدى من الله وقال الاستاذ الدعاء تكليف والهداية تعريف فالتكليف على العموم والتعريف على الخصوص ويقال الصراط المستقيم طريق المسلمين وهذا للعوام بشرط اليقين ثم طريق المؤمنين وهو طريق الخواص بشرط عين اليقين ثم طريق المحسنين وهو طريق خاص الخاص بشرط حق اليقين فهؤلاء ينوى العقل اصحاب البرهان وهؤلاء بكشف العلم اصحاب البيان وهؤلاء بضياء المعرفة بالوصف كالعيان وهم الذين قال صلى الله عليه وسلم فيهم الاحسان ان تعبد الله كانك راه ثم زاد الله فى وصف هؤلاء بالقربة الرفيعة والدرجة السنية ومشاهدته الكريمة بقوله { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } احسانهم شهود قلوبهم مشاهدة قربه تعالى فى مراقباتهم وخلواتهم بنعت بذل وجودهم والاكوان كلها لاول بوادى حسن تجلى الحق سبحانه وما ذكر الله سبحانه من جزائهم بهذه النعوت الحسنى وهى ادراكهم اياه بنعت كشف نور جماله لانهم لو ادركوه بنعوت العظمة هلكوا احسانهم من حسن جمال ارواحهم الناطقة بالكلمات القدوسية وحسنى الحق من حسن جماله القديم يجازيهم بكشف حسنه وجماله ثم ذكر زيادة النعم عليهم بقوله وزيادة الحسنى مشاهدته والزيادة وصاله والبقاء معه فى مشاهدته وايضا الحسنى النظر الى جماله والزيادة الاتصاف بصفاته وايضا الحسنى محبته وزيادة معرفته قال الواسطى معاملة الله على مشاهدة الحسنى الالتذاذ فى معاملاتهم والزيادة هو النظر الى الله قال الاستاد يحتمل ان يكون الحسنى الرؤية والزيادة دوامها ويحتمل ان يكون الحسنى اللقاء والزيادة البقاء فى حال اللقاء ثم زاد الله ذكر شرفهم بان خيار البعد لا يلحق جمال وجوههم بقوله { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } لا يغشى وجوههم قتر الخجالة ولا يلحق وجوههم ذل الفرقة وايضا لا يرهق وجوههم قتر الفراق ولا ينكشف فى وجوههم شموس الوفاق ثم زاد فى وصف عيشهم بقوله { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } باقون فى انواع القربات فى مشاهدة الذات والصفات قال بعضهم كيف يذل وجوه بلقاها الحق منه بالحسنى والاحسان وكيف يذل شواهد من هو شاهد الحق على الدوام بل هى على زيادة الاوقات يزيد نور او ضياء وعز او قال الاستاد لا يقع عليها غبار الحجاب وبعكسه حديث الكفار بحيث قال ووجوه يومئذ عليها غبرة فالذلة التى لا تصيبهم هى انهم لا يردون من عز شهوده الى رؤية غيره.