التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١٢
-هود

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } امر الله روح نبيه فى معهد الازل ان يقوم تحمل امانة علوم كنوز القدم وما يتعلق بها من كشوف انوار صفاته وذاته الى الابد وذلك بعد ان كساه كسوة الربوبية وقدرة الازلية فذكره عهده الاول بعد كونه متحليا بانوار التائيد والعناية وقيامه بأداء حقوق الرسالة والنبوة فان الان او ان الامتحان حيث زاينت الدنيا باحسن زينتها لك واجزيت الطبيعة فيك وان يستقيم اصحابك وامتك فى حمل ما تخبرهم من احوالك معى واحوالهم وكراماتهم بين يدى فانى بجلالى وقدرى اكشف اسرارى لك ولامتك من اهل الحقائق ما لا يطيق بازائها السموات والارض فاستقم بما يليق برسالتك { وَمَن تَابَ مَعَكَ } من امتك بما يليق بولايتهم وليس للاستقامة حد لانها مقامات وحالات ومعارف وكواشف وتوحيد ويقين وصدق واخلاص واداب وخطاب وفى كل مقام استقامة من يستقيم فيها جميعا وفيما يرد عليه من مواردات المواجيد من اللطفيات وما يرد عليه من الامتحان والبليات صار موصوفا بالاستقامة ومن يطيق ان يقوم بازائها مستقيما ولا يثبت على صفوان القدم اثار اهل العدم من جعله الله مستقيما بتائيده صار مستقيما المخصوص فى ذلك محمد صلى الله عليه وسلم لذلك قال عليه السلام استقيموا ولن تحصوا ولما ثقل عليه اثقال الاستقامة على تتابعه كشوف الازليات واسرار الابديات قال شبتنبى هو وقال ابن عطا انما ينال الاستقامة على حسب ما اكرم به من نور السر وقال بعضهم من يطيق مثل هذه المخاطبة بالاستقامة الا من ايد من المشاهدات القوية والانور البينة والاثار الصادقة ثم عصم بالتثبيت لولا ان ثبتناك ثم حفظ فى وقت المشاهدة ومشافهة الخطاب وهو المزين بمقام القرب والمخاطب فى بساط الانس محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك خوطب بقوله فاستقم كما امرت ولولا هذه المقدمات لانفسخ هذا الخطاب الا تراه كيف يقول للامة استقيموا ولن تحصوا اى لا تطيقوا الاستقامة التى امرت بها وقال جعفر الصادق فى قوله فاستقم كما امرت افتقر الى الله بصحة العزم قال الشيخ ابو عبد الرحمن سمعت ابا على الشيونى يقول رايت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام فقلت له روى عنك انك قلت شيبتنى هود فقال نعم فقلت له ما الذى شيبك منه قصص الانبياء وهلاك الامم فقال لا ولكن قوله فاستقم كما امرت وقال جعفر الصادق منهم من استقام على توحيده ومنهم من استقام على ايمانه ومنهم من استقام على اسلامه ومنهم من استقام على معرفته ومنهم من استقام على عظمته ومنهم من استقام على الحمد والثناء ومنهم من استقام على الكرم والوفاء ومنهم من استقام على الخوف والرجاء ومنهم من استقام باله لا شئ سواه وقال بعضهم الاستقامة لا يكون الا باتباع السنة وقال الجريرى الاستقامة فى النعمة للعوام والاستقامة فى البلاء استقامة الخواص وقال الجنيد الاستقامة مع الخوف والرجاء حال العابدين والاستقامة مع الهيبة والحياء حال المقربين والاستقامة مع الغيبة عن رؤية الاستقامة حال العارفين وقال الاستاد يحتمل ان يكون السنن فى الاستقامة سنن الطلب اى سل من الله الاقامة على الحق ويقال المستقيم من لا ينصرف عن طريق الله ما لم يصل الى الله يصل سيره بسراه.