التفاسير

< >
عرض

إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ
١
وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً
٢
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
٣
-النصر

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } نصر الله لحبيبه صلى الله عليه وسلم وجميع احبائه افرادهم بفردانيته عما دون وانجاهم عن خبس النفوس مقام الانس مظفرهم على كل بغية لهم واداء ما عليهم من حقوق العبودية والفتح انفتاح ابواب الوصاف وانكشاف انوار الجمال وبلوغهم عين الكمال وايضا نصر الله كشف غطاء النفس وقوع نور القدس فى القلب اذا ذهب قتام الحدثان بجاء النصر واذا انكشف جمال الرحمن قام الفتح وذلك بشارة الله لحبيبه صلى الله عليه وسلم بوصله اليه وتخلصه من اعباء الغبوة ومشفة الرسالة وروية الاغيار فامره بتقديسه لنفسه والاستغفار من لامته بقوله { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَا } اذا اكمل فى المعرفة واستقام فى التوحيد واقبل بكماله بحق الحق عند رجوعه من نفسه اليه كان معه بحار الثناء والعرفان والايقان والايمان فابرز الحق نورا من قدس قدمه له فسقط عندما معه من جميع الثناء فامره باستيناف ثنائه بدلا بنفسه واعمله طريق الثناء عليه فى ايام الوصول اليه وقال فسبح بحمد ربك اى نزعه عما جرى على قلبك فى طول عمرك فانه اعز من ان يحلق وصف الواصلين وحمد الحامدين فانت سبحانه بحمده ربك الا ترى كيف قال فسبح بحمد ربك اى بحمد ربك فسبحه الحمد الذى حمد نفسه فى الازل وايضا اى سبح ربك الذى بحمده ما وصل مدحه مدح المادحين ولا حمد الحامدين واستغفره من حمدك وثنائك وجميع اعمالك له وعرفانك به فان لكل معلول اذ وصف الحدثان لا يليق بجمال الرحمن فانه كان موصوفا بوصفه لا بوصف الغير وكان وقابل التوب فى الازل ذى الطولة والمنته على عباده حيث قبل ثناؤهم وتسبيحهم وتوبتهم اذا كانت بنعت العلم بالعجز عن ادراك كنه قدمه والاعتراف بالجهل عن المعرفة بحقيقة وجوده قال ابن عطا اذا اشتغلك به عما دونه فقد جارك -----النصر والفتح هو النجوة من السجن والبشرى بلقاء الله وقال الواسطى اى فتح عليك العلوم فسبح بحمد ربك واستغفر على ما كان منك من قلة العلم بما اريد منك انه كان توابا وقيل اذا فتح الله قلبك برؤية من عليك اقبل الله قلوب عباده اليك حتى باتوك فوجا فوجا قال بعضهم احمد الله بحيث جعلك سبب وصول عباده واستغفر الله من ملاحظة دعائك فان من اجابك هو الذى احيينا وقت الميثاق وكتب له السعادة فى الازل فريق فى الجنة فى السعير.