التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ
٢
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
٣
وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ
٤
-الاخلاص

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } فانخسمت اطماعهم عن الوحدانية حين بان لهم انوار وحدته فسبحوا فى بحار ذاته وصفاته وطلبوا الخروج الى سواحل العرفان فناداهم اين انتم لو تسبحون ابدا فى بحر الذات وبحر الصفات لم ينهوا من بحر حقائق الالوهية فان بحر الذات والصفات واحد الكل فى حير سرادق وحدانية الافعال غايبة فى الصفات والصفات فى الذات فمن عين الجمع هو هو من حيث الحقيقة هو الله ومن حيث الفردانية احيد وحيد لا يغر اذ الغير يغنى فى بقائه ثم زاد فى تبوية فرادنيته بقوله الله الصمد الله ظاهر بنعوت الجلال والجمال والفردانية والوحدانية باطن بالهوية والصمد انقطع عن ادراك الخواطر والضمائر وغاب فى مهمة صفاته الاسرار الارواح وتاه فى تيه هويته القلوب والاشباح وهو تبتريه جلاله وصمديته حجبهم من نفسه ثم ابرز من نعت صمديته نور تنزييه ونشقهم روائج قدسه وانسه وجعلهم مشتاقين الى لقائه عاشقين بجماله فيصمدون اليه بنعت الفناء والبقاء فلما علم عجزهم عن رؤية حقيقة هوية وصمديته ووحدانيته وفردانتيه تجلى لهم بنعوت الاجمال من لباس الافعال فهاموا بعشقه فى بيداء انوار جماله وجلاله وسكارى متبسطين وطابوا بكل مستحسن من عالم الافعال فلما سكنوا بالمستحسنات ورؤية الجمال فى الافعال مالت ازمن قصودهم الى فضاء الوحدانية واعلمهم انه منزه عن مباشرة الحوادث بقوله { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } اى لم يكن هو محل الحوادث ولم يكن الحوادث محلة التجلى ظهور الصفات والالباس ظهورها فى الافعال وهو منزه عن التمثال والجبال الا ترى كيف حقق التوحيد لمن شاهد مشاهدته فى اهله بقوله { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } غلط النصارى واليهود والكفرة والمجوس حين راوا من الاشخاص انوار الارواح ومن الارواح سنا روح فعله ثم نور صفته وقعوا فى ظلمات الحلول حين لم يعرفوا صد الاصد وحقيقة الحقيقة وعين العين وفردانية الذات والصفات عن مباشرة الامثال والتمثال سبحان المنزه بذاته عن رؤية كل رائ ومعرفة كل عارف وتوحيد كل موحد وعبادة كل عابد وجحود كل جاحد وجهل كل جاهل ووصف كل واصف كلهم فى نكرة النكرة مغرولون من حقيقة المعرفة قال ابن عطا الهاء تنبية عن معنى ثابت والواو اشارة الى ما لا يدرك حقائق نعوته وصفاته بالحواس والاحد المتفرد الذى لا تطير له والتوحيد هو الاقرار بالوحدانية والاحدية هو الانفراد وقال الواسطى وهو حرف ليس باسم ولا وصف ولكنه كناية واشارة كناية عن الذات واشارة الى الذات علم الحق من يلحد فى الاسماء والصفات ويفرقون بين الصفة والموصوف فقال لا يكون فرقا بين هويته وهو ذاك لم يكن فرقا بين هوية ولم يكن فرقا بين اسمائه وصفاته قال ابن عطا هو الله احد هو المنفرد باتحاد للفقودان والمتوحد باظهار الخفيات وقال الحسين الاحد الكائن عن كل منعوت واليه يصير كل مربوب طمس من مساكنه ويطرح من نازله ان اشهدك اياه فانك وان غيبك عند راعك قال بعضهم توحد ثم وجد لا سبيل الى ذلك الا ان يوجدك الحق له وقال جعفر الصمد الذى لم يعط الخلق من معرفته الا الاسم والصفة وقال الواسطى المتنع الحق بصمدتيه عن وقوف العقول عليه واشارتها اليه ولا يعرف الا بالطاف اسدائها الى الجوارح وقال ابن عطا الصمد المتال عن الكون والفساد وقال جعفر الصمد خمس حروف الالف دليل عى احديته واللام دليل على الوهيته وهما مدغمان لا يظهران على اللسان ويظهر ان فى الكتابة فدل ذلك على ان احديته الوهيته خفية لا يدرك بالحواس وانه لا يقال بالناس فخاؤه فى اللفظ دليل على ان العقول لا تدرك ولا تحيط به علما واظهاره فى الكتابة دليل على انه يظهر على قلوب العارفين ويبدو الاعين المحبين فى دار السلام والصاد انه اصدق فيما وعد فعله صدق وكلامه صدق ودعا عبادة الى الصدق والميم دليل على ملكه وهو الملك على الحقيقة والدال علامة دوامة فى ابديته وازليته وان كان الازل والابد لانهما الفاظ تجرى على العوارى فى عباده وقال ابن عطا قل هو الله احد ظهر لك منه توحيد الله الصمد ظهرك منه المعرفة لم يلد ظهر لك من الايمان ولم يولد ظهر لك منه الاسلام ولم يكن له كفوا احد ظهرلك منه اليقين قال الاستاذ كاشف الوالهين بقوله هو وكاشف الموحدين بقوله الله وكاشف العارفين بقوله احد والعلماء بقوله الصمد والعقلاء بقوله لم يرد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد.