التفاسير

< >
عرض

حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ
١١٠
-يوسف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ } اخبر سبحانه عن سنته القائمة ومشيته الثابتة القديمة التى اجراها على اهل العناية من الانبياء والمرسلين والعارفين والمحبين حيث حبسهم فى اسجان انتظار كشوف الغيب حتى بلغ قلوبهم الى محل القنوط من وضوح جلاله وبرهان شمائل قدسه وعزته وخافوا من سوابق قهرياته وتنزيه ربوبيته عن كون الخلق وعدمه فلما ذابت قلوبهم واضمحلت اسرارهم وفنيت عقولهم وتحيرت اشباحهم تطلع بكرمه من مشارق اسرارهم شموس انوار ذاته وانوار اقمار صفاته حتى لا يبقى من ظلمه الالتباس وغبار الوسواس اثر وهذا معنى قوله سبحانه { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا } خافوا على الغير لا على انفسم لئلا يهلكوا فانهم فى رؤية مشاهدة القدم باسرارهم بنعت السرمدية هذا معنى الانتظار واضطرابهم وشوقهم الى وضوح الانوار لا من الشك فى خصوصية الولاية وسبق العناية فى النبوة والرسالة وفى القراءة قرئ قد كذبوا بالتخفيف فقدره انهم استغرقوا فى قلزم الازلية وغابوا تحت بحار الديمومية ولم يروا الحق من كمال استغراقهم فى الحق فلما لم يروه ناداهم بلسان عيرة === القديم اين انتم غبتم عنه وعن الحقيقة فيطلع انوار الحقيقة عليهم وياخذ لطفها من شبكات امتحان القهر وهذا اداب الحق مع الاولياء والانبياء حتى لا يسكنوا الى ما وجدوا منه بل يفنوا به من كل ما له يقال حكم الله بانه لا يفتح للمريدين شيئا من الاحوال الا بعد اياسهم منها وقال وهو الذى ينزل الغيث من بعدما قنطوا وينشر رحمته فكما انه ينزل المطر بعد الاياس فكذلك يفتح الاحوال بعد الياس منها والرضا بالافلاس عنها.