التفاسير

< >
عرض

أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٣٣
-الرعد

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } هو تعالى قائم على كل نفس بقدر قوتها حمل اثقال ربوبيته وانوار عظمته وتربية جوده وحفظه وعنايته فمن نفس قام عليه بفعله ومن نفس قام عليه بصفته من حيث كشف الصفة لها وكشف نور الفعل لها ومن نفس قام عليها بالذات من عمل كشف سبحات الذات لها فان كسبت النفس عبوديته فهى فى مشاهدة انوار فعله وان كسبت === فهى فى رؤية انوار صفاته وان كسبت معرفته وتوحيده فهى فى رؤية سحاب انوار ذاته فان قصرت النفس الاول فى عبوديته بالتفاتها الى حظها اخذها الحق بعقوبة المجاهدة وان قصّرت النفس الثانى فى محبته بانها استلذت محبته ووقفت باللذة عنه اخذها الحق باخذ اللذة عنها وبقائها فى القترة والحجاب عنه وان قصرت النفس الثالثة بان ظنت انها وصلت الى عين الحقيقة اخذها الحق بان اوقعها فى بحر النكرة لكن الاخذ ههنا لزيادة معرفتها لانه سبحانه مشفق على النفس العارفة وهو تعالى اخذ هذه النفوس قائم بنعت حفظ انفاسها فى طلبها الحق قال الجنيد بالله قامت الاشياء وبه فنيت وبتجليه حسنت المحاسن وباستتارته قبحت وسمحت قال محمد بن الفضل لا تغفل عمن لا يغفل عنك وراقبه وكن حذرا قال الله افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ثم بين سبحانه ان من لم يعرف المحيط بكل شئ القائم على كل نفس ممن دونه من الحدثان ان ذلك من قهره عليه وتزيين كفره فى عينه بقوله { بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } زين الله مكرهم بمكره يهم فى الازل فى عيونهم حتى راوه مستحسنا وهو عن اقبح القبائح لانه موضع هلاكهم وصدهم عن معرفته وحسن مشاهدته وكيف يخلصون بمكرهم عن مكره ويعرف مساوى مكرهم بعد ان زين الله مكرهم لهم قال تعالى ومن يضلل الله فما له من هاد.