التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ
٢٤
-الحجر

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ } انوار وقائع الغيب تقع فى قلوب الاولياء فى اوان شتى فمن صاحب واقعته فى زمان صباه كابراهيم ويوسف وعيسى ويحيى عليهم السلام ومن صاحب واقعة تقع واقعته فى كمال شبابه كموسى وداؤد ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم اجمعين فمنهم المستقدمون بالوقائع ومنهم المستاخرون بها وايضا ان المستقدم فى عهد الازل بالمعرفة والخطاب والمشاهدة وكشف الحجاب للارواح الملكوتية والمستاخر بالايمان والايقان بعد كون الاشباح والقلوب وايضا المستقدمين المجذوبين من العارفين بسلاسل جذبات المكاشفات وهم اصحاب الوجود والحالات والمستاخرين من اهل السلوك المقتدين باهل الطاعات من اهل الكرامات وايضا المستقدمين فى الازل بالولايات والمستاخرين من اهل الطاعات وايضا المستقدمين بنعت المحبة والشوق الى المشاهدة والمستاخرين من اهل الطاعة بنعت الطلب ساكنة الجنات وايضا المستقدمين اليه بالقلوب الوالهة والارواح العاشقة والعقول الفانية بنعت التسارع الى طلب الجمال والجلال والمستاخرين من اهل الرسوم بنفوسهم الامّارة الى ابواب المعصية والطاعة طلبا للحظوظ والاعراض وايضا المستقدمين بهممهم الى عالم المشاهدات والمستاخرين بقدمهم الى الطاعات وايضا المستقدمين بنعت هيجان قلوبهم ووله ارواحهم الى طلب لقائه والمستاخرين بالطاعة الى طلب ثوبه ومن علم المجهول اشارته الى المستقدمين هم اهل الارادات الذين اذا دعوا الى الطاعة يتسارعون لخفة قلوبهم لطلب صفاء العبادات وراحة المراقبات فى صفاء الاوقات والمستاخرين هم سكارى التوحيد والمعرفة والمحبة متثاقلين من اثقال برجاء كشف العظمة والكبرياء عليهم الى رسوم الطاعة وذلك من غلبة البسط وانبساط الحق اليهم مثل بهلول وسعدون ومجنون والنورى والشبلى والحصرى وهشام بن عبدان الشيارى وعلى بن سهل البيضاوى ونظرائهم من اهل السكر والغلبات قال ابن عطا من القلوب قلوب همتها مرتفعة من الادناس والنظر الى الاكوان ومنها ما هى مربوطة بها مقترفة بنجاستها لا تنفك عنها طرفة عين قال الله تعالى ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستاخرين وقال بعضهم عرفنا الراغبين فينا والمعرضين عنا وقال النهرجورى علمنا الراغبين فينا بسرعة الاجابة الى طاعتنا وعلمنا الزاهدين فينا بالتثاقل بالقيام الى اوامرنا قال الاستاد العارفون مستقدمون بهممهم والعابدون مستقدمون بقدمهم والتائبون مستقدمون بندمهم واقوام مستاخرون بقدمهم وهم العصاة والاخرون مستاخرون بهممهم وهم الراضون بخسائس الحالات ويقال المستقدمون الذين يستجيبون خاطر الحق من غير تعريج عن تفكر والمستاخرون الذين يرجعون الى الرخص والتاويل.