التفاسير

< >
عرض

مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٩٦
-النحل

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } اخبر سبحانه ان كل وارد يرد على قلوبهم من موارد القرب الالوهية يجرى ولا يثبت ويبقى لهم اصل الاصل وهو مشاهدة جلاله وعزته وايضا ما عندكم من المعارف ينفد فى سبحات جمال المعروف وما فى عنديته من انوار الذات والصفات التى يبدو منها جميع المعارف باقية للعارفين المحبين فان بنقص المعارف لا ينقص الكواشف وان بنقص الاعمال لا ينقص الاحوال ثم اخبر انه يجازى المحبوسين فى قيود اسراء بلاء محبته وامتحان شوقه وبلاء عشقه بمشاهدته وكشف جماله لهم باحسن ما يرجون منه فان رجاءهم على قدر هممهم وهممهم على قدر نياتهم ونياتهم على قدر قصودهم وهى كلها معلولة مقصورة واجر جماله ووصاله غير محسوب من حيث وجود الخلق والخليقة قال تعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب قال بعضهم ما منكم من الطاعات فانها فانية وما منى اليكم من جزاء اعمالكم فهو باق على الدوام وانى يقابل ما يفنى بما يبقى وقا لابن عطا اوصافكم فانية واحوالكم بائية فلا تدعوا منها شيئًا وما من الحق اليكم باق فالعبد من كان فانيا من اوصافه باقيا بما لله عنده وهو تفسير قوله ما عندكم ينفد وما عند الله باق وقال جعفر عليه السّلام ما عندكم ينفد يعنى الافعال من الفرايض والنوافل وما عند الله باق من اوصافه ونعوته لان الحديث يفنى والقديم يبقى قال ابو عثمان جزاء الصبر هو ان يعطى الله العبد الرضا فمن تحقق الصبر ولزم طريقة الصابرين فان الله يثيبه على حسن ثواب عاجلا وآجلا قال الله ولنجزين الذين صبروا الآية ويقال ما عندكم من معارفكم ومحابكم آثار متعاقبة وصفات متناوبة اعيانها غير ثابتة وان كانت احكامها غير باطلة والذى يتصف الحق به من رحمته بكم ومحبته لكم وثنائه عليكم فصفات ازلية ونعوت سرمدية ويقال ما عندكم من اشتياقكم الى لقائنا فيعرض الزوال وقبول الانقضاء وما وصفنا به نفسنا بما ورد به الاثار الا طال شوق الابرار الى لقائى وانا الى لقائهم لاشد شوقا وذلك اقبال لا يتناهى وافضال لا يفنى.