التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً
٣٤
وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
٣٥
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
٣٦
-الإسراء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } العهد عهد الازل وقع بين كينونة الارواح فى عالم الافراح قبل كون الاشباح بينهما وبين الحق العهد صدر من الحق معها بان لا يشتغل بغير الله ابدا قال اوفوا بمعاهد الاوّل فان ذلك مسئول عند كل نفس ومطالب عند كل حركة فعهد المحب المحبة وعهد العارف المعرفة وعهد الموحد التوحيد وعهد المريد الارادة ولكل عهد رعاية فعهد المريد بذل الوجود وعهد العارف المعرفة وعهد الموحد التوحيد وعهد المريد الارادة ولكل عهد رعاية فعهد المريد بذلك الوجود وعهد المحب الصبر فى المفقود وعهد العارف تبرى الهمة عن الدارين وعهد الموحد افراد القدم عن الحدوث والفناء فى بقاء الحق قال حمدون القصار من ضيع عهود الله عنده فهو لآداب شريعته اضيع لان الله يقول واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا وقال يحيى بن معاذ لربك عليك عهود ظاهرا وباطنا فعهد على الاسرار ان لا يشاهد سواه وعهد على الروح ان لا يفارق مقام القربة وعهد على القلب ان لا يفارق الخوف وعهد على النفس فى اداء الفرائض وعهد على الجوارح فى ملازمة الادب وترك ركوب المخالفات والله يقول ان العهد كان مسئولا ثم ذكر سبحانه بعد العهد الوفاء فى صدق الاعمال والاقوال بقوله { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ } الاشارة فيه الى اشباح المعرفة ان لا ينقصوا ما عندهم من ذخاير العلوم على المريدين بما يوافق حالهم وان لا يملوا من نصيحتهم وتاديبهم ثم يحذر اوساطهم ان يزنوا دعواهم بالقسطاس المستقيم من المعاملات حتى لا يكون دعواهم خاليا عن الاعمال والكيل الوافى الاخلاص والقسطاس المستقيم الصدق من كان فى وزن الاعمال وكيل الاحوال مخلصا صادقا يعطيه الله لطائف كرمه وجوده مالا يحصى عددها ويصف له جميع الخلائق لانه منصف ينصف مع الله قال بعضهم اوف الكيل فان وزنك موزون وكيلك مكيل ان وفيت وفى لك وان نقصت نقص عنك ثم ادب نبيه صلى الله عليه وسلم بان لا يحكم بما لن ينكشف له بالحقيقة بقوله { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } العارف معاتب مأخوذ من حيث الظاهر والباطن فالظاهر المعاملات والباطن الحالات مطالب بالصدق فيها لم يذكر اللسان مع الحواس الاخر ظاهرا ولكن فى قوله ولا تقف ما ليس لك به علم اى لا تخبر من شيء لا تعلم بقلبك ولا ترى بعينك ولا تسمع باذنك فانهن مسئولات جميعا اللسان مسئول بالدعوى والعين مسئولة بالنظر بغير الاعتبار والسمع مسئولة عما تسمع من غير ما ينفع به والفؤاد مسئول عما يجرى عليه من غير ذكر الله قال الواسطى لا تخبر عنا الا على طريق الحرمة ولا تجاوز فيه محل الاذن وقال ابو سعيد الخراز من استقرت المعرفة فى قلبه فانه لا يبصر فى الدارين سواه ولا يسمع الا منه ولا يشغل الا به وقال الفارسى قال بعض الحكماء اطلبوا من العلم حالكم من=== يومكم ساعتكم ومن ساعتكم قلوبكم ومن قلوبكم ذكركم ومن ذكركم مرادكم ومن مرادكم === من الصديقين واطلبوا فى كل هذه الاشياء خطراتكم فان الله تعالى يقول ان السمع والبصر والفؤاد.