التفاسير

< >
عرض

أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً
٧٨
وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً
٧٩
وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً
٨٠
وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً
٨١
وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً
٨٢
-الإسراء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلْلَّيْلِ } اذا دلكت الشمس من قهر الجبارية فسجد فى دلوكها لانوار عظمة الجبار فى تلك الساعة فامره بسجوده والقيام بين يديه موافقة للشمس فى سجودها لخالقها عند كشف عظمته فان تلك الوقت وقت خاصة لكشف العظمة وهكذا فى وقت العصر فكانها فى وقت دلوكها فى الركوع وفى وقت العصر فى السجود الى وقت غروبها فاذا غربت وجاءت غسق الليل ثم هناك غلبة سطوات العظمة فيسجد له الليل وتدور النجوم فى سجودها الى وقت الفجر فاذا طلع الفجر سجد له عمود الصبح الذى لم يكن من الليل والنهار وفى ذلك الوقت طلوع صبح الجمال والجلال وهناك يسجدون له الارواح والاجسام لغلبة روح بدسه وانسه عليها وهناك شهود الحق بوصف صفاته الا ترى كيف قال { وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } الشاهد ذاته والمشهود صفاته وهذه الاوقات يدل على الاخبار بحفظ الاوقات على السرمدية وحضوب القلب فى مشاهد الغيوب قال بعضهم القيام فى بعض الاسحار مشهودة من صاحبه وشاهدة عليه وقال الاستاد الصلاة بالبدن موقتة والمواصلات بالسر والقلب مسرمدة فاذا فرغ من حفظ اوقات الليل والنهار على حبيبه بيديه المكاشفات الصفاتية حفظ ايضا وقت كشوف جلال ذاته بقوله { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } المقصود من تهجد الليل كشف جمال ذاته للمصلين فى جوف الليل وذلك المقام المحمود وعسى ههنا مقام الرجاء ينكشف انوار جلال ذاته لقلوب العارفين العاشقين فى اجو اجواف الليل التى هناك تسكب عبراتهم وتصعق زفراتهم يرونه به لا بتمجدهم === الى مقامات الانس لكشف القدس فاذا بعثوا هنالك ينسون انفسهم ويتضرعون بين يديه فيبكون عليه ويسالون عنه رحمته الكافية الكافة قال عليه السّلام ان الله سبحانه يضحك فى وجوه المصلين فى جوف الليل قال الاستاد المقام المحمود هو المجالسة فى حال الشهود ويقال هو الشفاعة لاهل الكبائر ثم علمه دعاء الوسيلة منه اليه بقوله { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } اى ادخلنى فى بحر قدمك بنعت الفناء والتجريد عن غيرك وصدق المحبة لان هناك مدخل الصدق حيث لا يبقى منى شئ غيرك واخرجنى بحر الفناء بنعت البقاء حتى اكون نباقيا معك فى مشاهدتك فان هناك مخرج صدق حيث لا يبقى معى غيرك والبنى من انوار سلطان عزتك قميص الاستقامة حتى لا اكون فانيا فيك وهذا معنى قوله { وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } وايضا ادخلنى مدخل صدق العبودية واخرجنى مخرج صدق الربوبية واجعل لى من لدنك قوة الاتصاف والاتحاد من سلطان كبريائك قال سهل ادخلنى فى تبليغ الرسالة مدخل صدق ان لا يكون لى ميل الى احد ولا اقصّر فى حدود التبليغ وشروط واخرجنى من ذلك على السّلامة وطلب رضاك منه والموافقة واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا زينتى بزينة جبروتك ليكون الغالب على سلطان الحق لا سلطان الهوى قال جعفر بن محمد عليهما السّلام ادخلنى فيها على حد الرضا واخرجنى عنها وانت عنى راض وقال ايضا طلب التولية ان يكون هو المتولى اى ادخلنى ميدان معرفتك واخرجنى من مشاهدة المعرفة الى مشاهدة الذات وقال الواسطى قال المُعلّى فى شرفه يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم ادخلنى مدخل صدق واخرجنى مخرج صدق فاظهر محمد صفى الله عليه وسلم من نفسه صدق اللجا بصدق الفاقة بين يديه وبصدق اللجا تزينت الاسرار وقال فارس السلطان ههنا سلطانا على نفسه بقمع هواه فيزم جميعها بشاهد الهيبة فيهلك نفسه بسلطان الوحدانية وينصر على عدوه بحسن نظر الله له فى معاونته وحمله على رؤية هوله وقال سهل لسانا ينطلق عنك ولا ينطلق عن غيرك فاجاب الله دعوته وقال وما ينطق عن الهوى قال جعفر عليه السّلام حقيقة الفاقة صدق استقامة المدخل فاقة العبودية والمخرج سعة الربوبية وقال الاستاد ادخال الصدق ان يكون دخوله فى الاشياء بالله لله لا لغيره واخراج الصدق ان يكون خروجه عن الاشياء بالله لله لا لغيره واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا حتى لا الاحظ دخولى ولا خروجى فلما استقام النبى صلى الله عليه وسلم فى جميع المعانى امره الحق ان يخبر الخلق بان الحق قد ظهر ظهورا لا شكوك فيه وارتفع الابهام والظلام { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } الحق الحق جل وعز والباطل الكون والحق العلم والباطل الجهل والحق المعرفة والباطل النفس والهوى والحق ما بدا من نور تجلى الحق والهامه والباطل هواجس النفس ووساوس الشيطان فاذا بدأ انوار سلطان بداهة المكاشفة تتمحى اثار النفس والقاء العدو وقال فارس الحق ما يحملك على سبيل الحقيقة والباطل ما يشق عليك امرك ويفرق عليك وقتك ويقال الحق من الخواطر ما دعى الى الله والباطل ما دعى الى غير الله ومن الحق ما جاء قوله سبحانه { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } القران خطابه مع احبابه المرضى من سقم محبته ومن داء شوقه ومن برجاء عشقه ومن اثقال معرفته وعظم توحيده فالقرآن شفاء كل مريض منه ولكل واحد منهم شفاءه من حيث داءه فخطاب التشوق شفاء شوق الشائقين وخطاب المحبة شفاء محبة المحبين وخطاب المعرفة شفاء جرح قلوب العارفين وخطاب التوحيد شفاء آلام جراحته ارواح الموحدين فيسقيهم مفرح الصفات من تسنيم عيون تجلى الذات فيصحبهم من نوته الفراق بفنون الترياق وهو رحمة للمؤمنين من حيث الظواهر لاجل المعاملات ورحمة خاصة للعارفين من حيث الحالات قال الاستاد القرآن شفاء من داء الجهل للعلماء وشفاء من داء الشك للمؤمنين وشفاء من داء النكرة للعارفين وشفاء من لواعج الاشتياق للمحبين وشفاء من داء القنوط للمريدين والقاصدين وانشدوا

وكتابك حولى لا يفارق مضجعى وفيها شفاء للذى انا كاتم