التفاسير

< >
عرض

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً
٨٥
-الإسراء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ } ان الله سبحانه ابهم علم الروح فى ظاهر رسوم العلم وبينها لاهل المكاشفة من الانبياء والاولياء بانه اراهم الروح باوصافها فى المكاشفة وذلك سرّه عندهم وهم يكتمونه لقلة ادراك افهام الخلق ولا يعلمون ماهية وجودها وكيفية خلقها قط لان الله قال { قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } ولا يطلع على ماهيتها الا صانعها وكيف يعلم الخلق ماهيتها وهى كانت معدومة كونَّها الحق سبحانه بعد ان ظهر صفاته وذاته بنعت التجلى والكشف عيانا بلا حجاب العدم فاوجد الرّوح بقدرته القائمة و ارادته الازلية حين شاهد الصفات الذات وشاهد الذات الصفات وشاهد كل صفة كل صفة وشاهد الصفات الفعل وشاهد الفعل العدم فباشر الموجود المعدوم فظهر الروح من تحت مباشرة القدم العدم موجودة بوجود الذات والصفات وشهودها بنعت الظهور كاملة جامعة متخلقة بخلق الحق متصفة بصفاته فبلغت الى محل يحيى بفيض مباشرة فعله جميع الكون ففى كل موضع يقع عكسه يحيى بحياة تامة كاملة لا موت فيها ومن خاصتها انها تميل الى كل حسن ومستحسن وكل صوت طيب وكل رائحة طيبة لحسن جوهرها وروح وجودها ظاهرها غيب الله وباطنها سر الله مصورة بصورة آدم وخلق الله آدم على صورتها فاذا اراد الله خلق ادم احضر روحه فصور صورته بصورة الرّوح لذلك قال عليه السّلام خلق الله ادم على صورته لذلك قال على صورته لان الرّوح مؤنثة سماعية قال ابن عباس الروح خلوص خلق الله صورهم على صورة بنى آدم وما نزل من السّماء تلك الا ومعه واحد من الروح وقال ابو صالح الروح كهيئة الانسان وليسوا بانسان قال مجاهد الروح على صورة نبى آدم لهم ايد وارجل ورؤس ياكلون وليسوا بملائكة وما ذكرنا فهو من اقل قليل القليل الذى قال سبحانه { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } قال بعضهم الرّوح شعاع الحقيقة يختلف آثارها فى الاجساد وقال بعضهم الروح لطيفة تسرى من الله عز وجل الى اماكن معروفة لا يعبّر عنه باكثر من موجودها بايجاد غيره وقال الواسطى لما خلق الله ارواح الاكابر رداها بمعرفته بهاء فاسقط عنها معرفتها به واسدى اليه علمه بها فاسقط عنها ما علمت منه فمعرفتها معرفة الحق اياها وعلمها علم الحق بها فصوره بودّه اياها على محابها قيل الروح لم يخرج من الكون لانها لو اخرجت من الكون لكان عليها الذل فقيل من اى شئ اخرجت من بين جماله وقدس جلاله بملاحظة الاشارة وغشاها بجماله ورداها بحسنه واستملها بسلامه وحياها بكلامه فهى معتقة من ذل كن وسئل ابو سعيد الخراز عن الروح مخلوقة هى قال نعم ولولا ذاك لما اقرت بالربوبية حين قالت بلى والروح هى التى اوقعت على البدن اسم الحياة وبالروح ثبت العقل وبالروح قامت الحجة ولو لم يكن الروح كان العقل متعطلا لا حجة عليه ولا له سئل الواسطى عن الارواح اين كان مكانها حين اظهرها فقال ان الارواح خلقها وقبضها قبل الاجساد اين كانت ترى صارما عاين عيانا لان الدنيا والآخرة عند الارواح سواء.