التفاسير

< >
عرض

عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً
٨
إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً
٩
-الإسراء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } ذكر الرجاء وقدم الرحمة وتكلم من نفس التربية كانه تعالى دعاهم الى مقام الرجاء من مقام الخوف ومن رؤية الوحشة الى رؤية تربية الرب ومن رؤية العذاب الى رؤية الرحمة اى انا استعمل كرمى القديم على كل حال ان تطيعون وان تعصون على عواقب الامور لان وصفى غالب على كل وصف وانا غالب على امرى ثم انبت الاكساب القائمة بالمشية بقوله ان عدتم عدنا الى ان عدتم الى عالم القهريات عدنا معكم فننجيكم منها فان سوابق الكرم والرحمة غالبة على الغضب كما قال سبقت رحمتى غضبى وان عدتم الى عالم اللطف عدنا معكم الى عالم اللطف فاريكم جلالى فى لباس لطفى وان عدتم الى المعصية عدتم الى معادلكم التى خليقتها الجهل والعصيان عدنا الى ما كنا فى الازل من اللطف والكرم لان اللطف والكرم من نهارير القدم وان عدتم الى الهجران عدنا الى الوصال وان عدتم الى المجاهدة عدنا الى كشف المشاهدة وان عدتم الى النكرة عدنا الى المعرفة قال ابن عطا يتعطف عليكم فيخرجكم من ظلمات المعاصى الى انوار الطاعات فمن طلب الرحمة من غير الله فهو فى طلبه مخطى وقال سهل ان عدتم الى المعصية عدنا الى المغفرة وان عدتم الى الاعراض عنا عدنا الى الاقبال عليكم وان عدتم الى الفرار منا عدنا الى اخذ الطرق عليكم لترجعوا الينا وقال الوراق ان عدتم الى الطاعة عدنا الى التيسير والقبول وقال الاستادان استقمتم فى التوبة عدنا فى ادامة الفضل والمثوبة وقيل ان عدتم الى الخطاء عدنا الى الوفاء ثم بين سبحانه ان الفراق يعرف العارفين اصوب الطرق واقومها فى مسالكهم الى الله بقوله { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } اى ان القران يعرف اهله بنوره اصوب الطريق الى الله وتلك الطريقة طريق طاعته التى فى سلوكها لسالكيها مقام كشف وصاله وظهور جماله وانه يهدى للطريقة الصائبة فى نفسه من حقايقه بأنه يرشدهم بظاهره الى معانى باطنه ومن معانى باطنه الى نور حقيقة ومن نور حقيقة الى اصل الصفة ومن الصفة الى الذات فالقران اسماء ونعوت واوصاف وصفات يعرف للعارف الصادق عيون الذات والصفات والاسماء والنعوت والاوصاف وهى اقوم الطريقة لان العوام يسلكون اليه بأوصافهم واهل القرآن يسلكون اليه بصفاته
اذا نحن أدلجنا وانت امامنا كفى لمطايانا يلقياك هاديا
ويبشر اهله من الذين يتبعونه بمراد الحق ان لهم اجر المشاهدة وكشفها بلا حجاب ابدا قال ابن عطا القران دليل ولا يدل الا على الحق فمن اتبعه قاده الى الحق ومن اعرض عنه قاده الجهل الى الهلاك وقال ابو عثمان فى كتابه الى محمد بن الفضل من تمسك بالقران وفق للزوم الاستقامة لان الله يقول ان هذا القران يهدى للتى هى اقوم.