التفاسير

< >
عرض

قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً
١٠٩
-الكهف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } ان الله سبحانه اخبر بهذه الآية ان اوهام الخليقة تقاصرت عن ادراك علومه وحكمته بالحقيقة وان ابصارها كليلة عن الاحاطة بذاته وان قلوبها عاجزة عن فهم معانى صفاته فى ذاته وذاته فى صفاته وان الكونى لو كان كل ذرة منه بحر الا ساحل لها مدادا وان من العرش الى الثرى كل ذرة منها ميدانا وصحارى من اقلام وجميع الاولين والآخرين من الازل الى الابد يكتبون كلمات القدمية لفنيت الكل عن حصرها وبقيت الكلمات غير محصورة بحصر الحدثان وكيف ذلك والحوادث منتهية وصفات الازلية منزهة عن نقايص الحدوثية والعدد والمدد من قبل الخليقة فلو كان بالمثل هذه البحور والاقلام والايدى تكتب ما فى قلب عارف فى ساعة من كلام الحق وخطابه وحديثه ووحيه لنفد البحر وينقطع الاقلام والايدى ولا ينتهى تلك الكلمات لانها قائمة بالصفات والذات والصفات منزهة عن تقدير المقدرين وحسبان المتوهمين وحساب المحاسبين قال الله ولو انما فى الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله واشارة الحقيقة اى لو كان بحار القلوب مملوة من مداد الخواطر واسرارها التى تدور فى سرادق الكبرياء اقلاما وتستمد مدادها من بحر الافعال لنفدت عند نشر معانى علم الله فى كلمة من كلمات الله لان ملك البحار افعالية والكلمات صفاتية والافعال متلاشية تحت انوار الصفات ولا تعجب ان جميع الاكوان من العرش الى الثرى لو كانت كل ذرة منها الف بحر لا ساحل لها يكون قطرة من بحر خواطر القلوب واسرارها سبحان المنزه عن احاطة المخلوقات بشئ من علمه قال سبحانه ولا يحيطون به علما قال الحسين مقياس العدم فى الوجود فى معنى وجوده فاما خاص الخاص من كلامه فلو كانت ابد الابد اقلاما ومدادا وبياضا ما نفد معانى كلمة من كلماته ولا يوصف اكثر مما قد اشير اليه وانما يذكر للناس ما يفيدهم معانى العبودية من علم وثواب وعقاب ووعد ووعيد على حسب ما يحتمله عقولهم فاما الكمال من فايدة الكلام فللانبياء والاصفياء والاولياء.