التفاسير

< >
عرض

وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً
٤٩
-الكهف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً } كتاب الاعمال يوضع الزهاد والعباد ويوضع كتاب الطاعة والمعصية للعموم ويوضع كتاب المحبة والشوق والعشق لاهل الخصوص فكم من زفرة مكتوبة وكم من اوّه مكتوب وكم من غ يرة منقوشة وكم من حرقة معروفة وكم من لوعة الاشتياق مشهودة وتلك الكتب بنظائر حقائق انوار اسرارهم مشحونة وفى الفضائل هؤلاء المشتاقين منشورة واودعت الفؤاد كتاب شوق سينشر طيه يوم القرار يعرض كتبهم على الاولين والآخرين حتى يعترفوا بجهلهم عن معرفتهم فى الدنيا باستار فكم من عارف ليس له كتاب وهو من اهل السر فى سر السر ما عرف ملكاه ما جرى عليه كيف يكتبان الذى لا يعرفان ولا يرانه فاعماله قلبية وقلبه غيبى وغيبه ازلى لا يطلع عليه الا الحق سبحانه وهذا كقوله عليه السّلام ان لله عبادا لا يطلع عليهم ملك مقرب ولا نبى مرسل وهو من اهل خصوص الخصوص ظاهر الاية تخويف لمن له خاطر من الخواطر المذمومة ونفس من انفاسه المعدودة المعلومة المشوبة بالتفات سره الى غير الحق قال ابو حفص اشد آية فى القران على قلبى قوله ووجدوا ما عملو حاضرا انظروا الى المخالفات كان فيها الهلاك وانظروا الى الموافقات وجدوها مشوبة بالرياء والسمعة والشهوات فخوف اهل اليقظة من الموافقات اكبر من خوفهم من المخالفات لان المخالفات فى مقابلة العفو والشفاعة وسوء الادب فى الموافقة اصعب واكثر خطرا ولو لم يكن فيه الا المطالبة بصدق ذلك قال الله ليسئل الصادقين عن صدقهم.