التفاسير

< >
عرض

قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً
٤٧
وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً
٤٨
فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً
٤٩
-مريم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ } هذا سلام الاعراض عن الاغيار وتلطف الابرار بالجهال قال تعالى { { وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } } قال ابو بكر بن طاهر لما بدأ منه كلام الجهال من الدعوة الى ألهته والوعيد على ذلك ان خالقه جعل جوابه جواب بجهال بالسّلام لان الله قال اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ثم ان الله سبحانه اخبر عن صديقية ابراهيم من تبرية عما دون الله بقوله { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } العيش الهنى صحبة الابرار مع ترك مصاحبة الاشرار قال ابو تراب النخشى صحبة الاشرار تورث سوء الظن بالاخيار { وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً } تكلم من حقائق يقينه انه عند الله على شرف كامل وانه مجاب الدعوة فطمع فى الحق ما طمع من نظهر الى علومه المجهولة الغيبية قال عبد العزيز الملكى كان الخليل عليه السّلام يهاب به ان يدعوه ويذكره ويعظمه ان لا يكون يدعوه بلسان لا يصلح لدعائه استحياء وحشمة وخيفة وهيبة بعدم معرفته بجلاله فلما ترك صحبة المنكر راق الله من نفسه انبياء بقوله { فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } من ترك الخليفة فالله خليفته فى كل مراد جعل سبحانه اسحاق ويعقوب واسماعيل ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم اجمعين وموسى ويحيى وجميع الانبياء والرسل بعده عوضا له من ابيه أدم كان عليه السّلام الصدد من مجران ابيه عنه وعن دينه فجعل اخلاقه من الانبياء والمرسلين والاولياء والصديقين عوضا لابيه حتى لا يضيق صدره قال الواسطى عوض الاكابر على مقدار الحدث جعل فهم التلاوة للاحكام وجعل فهم الحقيقة للاسقام قال الله فلما اعتزلهم الاية وقال لموسى ووهبنا من رحمتنا اخاه هارون نبيا ولما اعتزل محمد صلى الله عليه وسلم الاكوان اجمع ولم يزغ البصر فى وقت النظر وما طغى قيل انك لعلى خلق عظيم حيث لم يزاغ غيره حلاه بصفته فقال ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله.