التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً
٥٦
وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً
٥٧
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً
٥٨
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً
٥٩
-مريم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً } اى اذكر ما كشفت لادريس من اسرار الملكوت وانوار الجبروت وطيرانه في الجنان وشهوده مشاهدة الرحمن قال ابو بكر الطمسَّانى الصديق الذى لا ----- الصدق من غيره ويكون له ان يطالب غيره بحقيقة الصدق ثم وصفهم جميعاً بانهم منعمون عليهم بالمعجزات الرفيعة والكرامات الشريفة والقرباتُ المداناة بقوله { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } ثم وصفهم مع ما انعم عليهم بالخشوع والخضوع والبكاء والوجود في السجود بعد ما اعطاهم الاصطفائية والاجتبائية والمعرفة والاصابة والحكمة والمشاهدة والشوق والمحبة انظر الى ذكر هياجانهم وشوقهم الى لقائه ووجدهم بقربه وحركاتهم في فى اجلاله عند نزول الأيات عليهم بقوله { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } ما اطيب لك البكاء وما احلى ذلك السجود بكافهم من رؤية عظمته وسجودهم من كشف عزته وحركاتهم من شدة شوقهم الى معان المشاهدات واسرار المداناة

الا يا صبا بخدمتى هجت من نجد لقد زادنى مسراك وجدا على وجد
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا على ان قرب الدار خير من البعد

ثم ان الله سبحانه ذكر المخالفين عقب ذكر الانبياء والمرسلين وذمهم بروعاتهم عن سبل اهل السعادة واقتحامهم غايات اهل الضلالة بقوله { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ } لما استكبروا عن متابعة اهل الحق وادعوا بالدعاوى الباطلة سقطوا عن امين القوم واتجبوا بما رأوا من انفسهم من الترهات والطامات والمزخرفات والاباطيل من الخيالات والمحالات عن لطائف الطاعات ومقام المناجاة وحسن المراقبات ووقعوا فى ورطات الشهوات وصاروا أئمة الضلالات قال محمد بن حامد اولئك قوم حرموا تعظيم الانبياء والاولياء والصديقين فحجبهم الله من معرفته واصابتهم شقاوة تلك الحال فاضاعوا الصلاة التي هى محل وصلة العبد مع سيده ترسموا بها ولم يتحققوا فيها واتبعوا أراءهم واهواءهم فاصابهم الخذلان وحرموا بذلك السعادة واثر الشقاوة على العبيد هو جرمان بخدمة وتصغير من عظم الله حرمته.