التفاسير

< >
عرض

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ
١٥٥
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ } الخوف ههنا على سبعة اقسام خوف من النفس وخوف من الشيطان وخوف من الكفار وخوف من النار وخوف من الفراق والقطيعة وخوف الحجاب وخوف التعظيم والاجلال امّا خوف النفس فهو جبن الطبيعة بضعف البشرية يهيجه قهر الحق تعالى الامتحان البعد في محل العبودية ليظهر صدق محبته من دعونات بشريته ولا يزول هذا الخوف من العبد اصلاحا في جميع عمره لان هذا صفة نفسه والنفس مطبوعة الجهل ووقلة عرفاتها يصدق مواعيد مولاها الا في اشارق شمس اليقين بنعت التمكين وغالب هذا المقام خطراتٌ وان كان اصله وطناتٌ وتفصيل هذا الخوف من النفس خوف قدان الرزق و نفورها من المجاهدة واضطرابُها في تصديق وعذا الله في الاخرة واما الذى من الشيطان هو تخيف العدُوّ مريدَ الحق في ترك الدنيا بالفقر الدائم والامراضُ والاوجاع وبذل المهجة لتلف النفس وفقدان المقامات وهذا متحان الله تعالى لاوليائيه ليثبت جزاء محاربتهم على عدوهم ويظهر صدق نياتهم في مقاماتهم واما خوف الكفار هو قطع الحيوة وزوال الصورة في القتل والضرب وتعذيب الالوان لان الانسان يحب حيوته ويبغض موضته فتمنوا الموت ان كنتم صادقين واما خوف النار فهو لجام النفس الامارة يلجمها بطش قهر الحق حتى يمنعها من سؤ الادب والافعال والاخلاق المذمومة والعوارض البشيرة ورجس الطبيعة وفرط الشهوات واقتحامها في الكبيرات وايضا امتحنه الله تعالى بخوف النار لان خوف النار من جمله الحجاب بين العبد والربّ تبارك وتعالى واما خوف الفراق وهو خوف دائم في قلوب العباد ما داموا فى الدنيا وهو اعظم الامتحان ليجتهدوا فى طلب المراد ببذل المهج والانفراد عن جميع الكون حتى يصلوا الى مقام الامن بلا صفات النفسانية ورحمة البشرية واما خوف الحجاب وهو تهييج العناية بنعت الرعاية اسرار اهل المحبة حتى يفروا منه اليه لانهم يعلمون انهم مبتلون منه به واما خوف التعظيم والاجلال هو امتحانٌ منه لاهل المكاشفة في مقام المشاهدة لنظر هل يمنعون من الناس مقام الانبساط بصدمة الصمدية وقهر الكبرياء بنعت العزة واما الجوع فهو ابتلاءٌ من الله تعالى لاوليائه ليصقيهم به عن كدورات البشرية وخبث الطبيعة واحتراق حجب النفسانية بين قلوبهم وبين اسرار الاخرة المحجوبة عن رؤية الابصار الظاهرة والزم هذا عليهم ليعلم منهم حقيقة طلبهم مرضاته فى عنوان نياتهم وايضا حقيقة الجوع ههنا عند العراقيين جوع القلب في طلب المشاهدة عن فقدان طعمة الوصلة فجوعهم الى مشاهدته واحرق اكبادهم بعطش شوقه حتى يسرعوا في طلب الوصل الى ابواب سرادق الجبروت ويحترقوا في انوار القدم عن عالم المكوت واما نقص الاموال نقص ما حصل لهم من متاجرتهم مع سيدهم من الدرجات والمقامات والحالات لان هذا اموال رجال المعرفة بالحقيقة واما نقص الانفس نقص الانقس المطمئنة عن حقيقة ايقان الوصول الى مشاهدة القربة بنعت الفترة فى معاملة الاخرة ويجوز ان يكون نقص الانفس الامارة عن ما لوفاتها وغفلاتها برؤية منن مولاها ومقاساة مجاهدة صواحبها واما الثمرت فهى ثمرات اشجار المقامات والحالات السنية والكرامات العالية وهذه كلها بليات اولياء الله في سير اسرارهم في ميادين الوحدانية وبيداء الازلية امتحنهم بهذه الصفات ليظهر صدق ارادتهم في طلب مساهدة الحق عز وجل وينفخ بهذه نيران اشواقهم وبرياح الجذبة ونسيم الوصلة حتى يحترقوا بها في طلب مبتغاهم بنعت الفناء لان من شرط حقيقة القربة احتراق ارواح السابقين والمقتصدين فى انوار جلال المشاهدة { وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } بحصول قصودهم منى بعد خروجهم عن امتحانى.