التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
١٦٤
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ
١٦٥
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } اى ان في ابداع السموت والارض كشوف نور الصفات في نور الافعال فظهور نور الافعال في مسرح الايات وايضا السماء اشارة الى الراس والارض اشارة الى الصورة وايضا السماء اشارة الى الروح والارض اشارة الى القلب وقوله { وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } اى فى نقصانهما وزيادتهما وذهابهما ومجيئهما اعتبار بطلوع شمس المعرفة من مشرق القربة وغروبها في مغرب النكرة في وقت الغيبة عن المشاهدة فظهور بظلم ليالى الهجر في ذهاب نور الوصل وزوالها باشراق انوار تجلى الحق في قلوب اهل المحبة وايضا اى اعتبروا بهما في مواجيد الاحوال واستقرارها فيكم وفقدانها في وقت انقباضكم عن رؤية البسط والانبساط { وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ } الا العرافين فى جريان القلب في بحار القدم والابد وموج بحر الصفات لطلب در المعرفة من قعر بحر الذات بمنافع المريدين رؤية الصفات الجبروتية في الايات الملكوتية { وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } ولهم ايضا فى تفكر انزال الله تعالى من ساء القربة مزن رشاش المشاهدة واحيائه القلب الميت من فقد نيل القربة ورؤية خصائص المنة { وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ } من مايضالهم في ادراك التفرق وشتات سيارات عالم الملكوت فى قولكم لطائف الخطاب { وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } اى لهم فى رؤية تصريف الرياح وتسخير الحساب بين السماء والارض وجدان تصريف رياح المنة وتسخير سحاب الشفقة بين نور الروح ونار القلب اذا كان الرياح تحرك السحاب وتعصرها حتى تمطر قطرات مياه الخطاب على نيران القلب ليسكن بها ساعة عن الاحراق بالنهار نار الوجد { لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } اى لاولى النهى علامات صفات القذرة بادراك بصائرهم الحكمة { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً } الانداد تقع على كل شئ بمنع العبد عن خدمة سيده من جملتها النفس والهوى كما قال تعالى { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } } ومنها الخلق لاجل الرياسة ومنها الدنيا والشيطان { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ } لانهم يذوقون طعم معرفة الله ولذة محبته ولا يرون نور مشاهدته وحقائق وصله وقربه ومع ذلك محبتهم للخلق محبةٌ معلولةٌ لانهم لو لم يجدوا منهم مأمولهم يفرون منهم فرار الزحف { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ } لان اهل الايمان والتوحيد سمعوا خطاب قوله الست بربكم بالسمع الخاص في سابق الدهر ورَاَوا مشاهدة الجلالة قبل وقوع البلايا فيبقى فى قلوبهم لذة المشاهدة والخطاب فيجدون مرارة بلائه و غصص امتحانه يقبلون منه ببذل نفوسهم وترك حظوظهم والوفاء بصد عقودهم في امر محبوبهم وقال القاسم وممن اخرجناهم من جملة الخطاب الخاص مخاطبة الايمان اقوم يتخذون اهواءهم الهة يعبونها ويحبونها والذين امنوا اشد حبا لله منهم لا هوائهم لانهم يرون البلاء من الله نعمته ولا يحجررهم عن محبتهم اربهم ترادف المحن عليهم بل يزيدهم بذلك محبةٌ له فلذلك قال والذين امنوا اشد حبا لله وقال الشبلى من ادعى محبة الله تعالى ونسى فكره طرفة عين فهو المستهزئ والمفترى على الله ويصنع به ما يصنع بالمفترى وقال جعفر الصادق في قوله والذين أمنوا اشد حبا لله قال يباهى الله على خلقه عجبته للمؤمنين له ويشير المحبة اخصُّ ما بتعبد به المتّعبدون وقال ابن عطاء حبوا الله يجب الله وحب الله حب باق فصار حبهم باقيا ببقاء حب الله تعالى.