التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ
٢
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } اي ذلك سرّ الذي كُتِمَتُ في الحروف المفُردة للرّبانين والروحانين لا شك فيهوايضاً ذلك الكتابُ الذي كَتَبْتُ في صحائف القدس من رموز لها مّى حتى تقرأ منها ارواح الصديقين في حقائق القرآن لا ريب فيه اى لا معارضة فيما نفهم اسرار العارفين من نفائس الغيب وايضاً ذلك الكتاب اي الذي عَلمتُ ما كان ومايكو ما يفعلُ الخلقُ بعد كونهم لا شك فيه وقيل ذلك الكتاب الذي جرى في سايق علمى ان انزل اليك وقال ابو عثمن ذلك الكتابُ الذي خاطبتُ به خواص اوليائى واحابئ امرتُهُم فيه ونهيتُهُمْ فيه فمنهم من تقرب الى بقراءته ومنهم من تقرب الىّ بفهمه ومنهم من تقرب الىّ بالاوامر فيه فلكل احد من عبادى فيه حَظُّ عام وخاصُ وقيل ذلك الكتاب الذي جرى في اسبق علمى كتبتُ في قولب وليائى من محبّتي ومعرفتي ورضائي وقيل ذلك الكتاب الذي كتبُ على نفسى في الازل ان رحمت سَبَقت غضبى والكتاب اسرار الحبيب الى المحبيب فكل واحد مشرّف على ما خوطب بقدر معرفته وحسب كشف لطائف الخطاب له وقيل ذلك الكتاب اشارةٌ الى ما تقَدَم من الكتاب وقيل خطاب الاحباب عزيزٌ على الاحباب لاسيّما عندَ فقُدِ اللقاء وبكتبا الاحباب سلوتهم وانسُتُهم وفيه شفاؤهم ورَوُحهم وان الله تعالى انزل كتابه على خواصّ الانبياء ليستقيموا في طلب الرّغائب ويصبروا في نزول النّوائب ويتطابو بخطابه تسليّاً من فقدان لقائه { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اي لاتُهْمَةَ فيما كشفت لاسرار الابنياء والاولياء من لطائق خطابى وغرائب اسرارى وايضا لا معارضة للنفس فيما عاينْتُ الرَّوحَ من سرّ الملكوت وقيل اي لا شكّ في لمن فتحتُ سرّه وزيّنت قلَبهُ بالهم عنّى وقيل لا ريب فيه من طَهّرت سره بنور الاطلاع على الطائف معانيه { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } اي هادياً للعَارفينَ الى نفسى وايضاً اي بياناً عما يبنى وبين عبادى من اسرار الربوبيّة والعبوديَة وايضاً كاشفا عما للاتقياء بياناً عما يبنى وبين عبادى من اسرار الروبيةَ والعبوديَة وايضاً اي كاشفا عما وعَدْ للاتقياء والاصفياء والاولياء وايضاً اي مرشداً للمريدين الى حسن الاداب وهاديَا للمحبين اللا حسن الثواب ومفسر العارفين حقائق الخطاب وقيل كشفا لاهل المعرفة زيادة هدى وبيانٍ قال ابن عطا طريقه لمن اراد قربى وقال سهل بيانا لمن تبرَّا من حوله وقوته والمتقى الذي وصفه الله تعالى الذي عَزَل عن الالوان والحَدَثان تورّعا عن اغواء الشيطان وتخلقاً بخلق الرحمن وقال ابو يزيد المتقى من اذا قال الله واذا عَمِلَ عَمِلَ الله وقال الداراني الذي نزع من قوبهم حب الشهوات وقيل المتقى من اتقى روية تقواهُ ولم يستد الى تقواه ولم يَرَنجانه الا بفضل مولاهُ وقال سهلُ اذا كان هو الهادى فمن يضل في ذلك الطريق الا من سَلكه على التجارُب لا على العارق فَيْصده عن مقصده بشوم تدبيره ويَهلِكه واوفى في أخر القدم.