التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ
٢١٩
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } الخمر حب ما سوى الله لان زيغ بصر السر عن مشاهدة الحضرة الى الكون بنعت استحسانه حجاب العقل الكل اذا خامر النفس سر القلب باشره الغفلة وسكرت بادراك هواها وحظوظها وسقطت عن مباشرة العبودية وبتاثيرها احتجبت الروح عن ماعئنه الاخرة وبقيت فى حجاب النفس عن الاوصال والمقام والمشاهدة والميسر حبل الشيطان والنفس مع القلب فاذا مال القلب الى شهوة النفس فقد فامرها واصر مقمورا مسلوب الايمان والعرفان { قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ } ان ظلمة الخمر تطفى نور العقل ويقوى طرب الانفس الامارة فاذا خمد نور العقل وارتفعت ظلمة الجهل تفسد النفس مقام الايمان وتخربه وهو القلب واذا كان القلب خرابا ومنبح الايمان مضمحلا فهو قريب من الكفر والكفر اخرا الاثم واللعب بالنرد وامثال ذلك كانه تبعد الاوثان لان في الاشتغال به اشتباه نور الايمان تمثال النرد والشطرنج وتخييل الفهم صرو الخيال وهذا اول اسباب الشرك لانهما اما جميع الخبائث { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } اى معرفة أفاتهما وسؤ عاقبة من يشغل بها وايضا فى زوالهما منافع للناس وقيل فيها اثم كبير فى تناولهما منافع للناس فى تركهما { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ } العفو عند العارفين ما سوى الحق من الكونين يعنى اتركوا الى ما شغلكم عنى وان كان لكم فيها خصاصة حتى يكون لكم ذخرا فى جميع انفساسكم عوضا لما ترككتم فالخواص ينفقون ما يحبون طلبا لمرضاته وتركا لمرادهم لان الحق سبحانه لا يزيد اوليائه شهوة الكونين والعالمين غيره على احالهم وصونا لاسرارهم والعوام ينفقون زوائد اموالهم حصنا لها وحرصا بها { كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } اى لعكم تقطعون بواديها بالجنحة الافكار ليخلص قلوبكم عن وجودهما انوار الفعال الحق وحسن صنعته القديم وبه تبصرون فيها نور صفاته لتبلغوا به مشاهدة حسن جلال ذاته وايضا لعلكم تبصرون بيعن التفكر على صورة الدنيا لباس قهره خلع به اعدائه لحتجبوا بزهرة الدنيا عن معرفته وعلى صورة الاخرة لباس لطفه ابتلاء به اولياءه ولنهتبرهم بلذة الاخرة حتى يظهر صدق دعواهم فى محتبه عن زعونات بشريتهم وقيل لعلكم تتفكرون فى الدنيا والاخرة اى انهما والاشتغال بهما مما يقطعان عن الحق وقيل انهما على مكر وخديعة الا ترى ان --- وسالما قران اصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون فقال لو علموا عن من مأواهم ما اشتغلوا به.