التفاسير

< >
عرض

فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ
١٢١
ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ
١٢٢
-طه

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } اسرارهما التي انكشف لهما من الغيب بعد اكل الشجرة ولم ---- فلما علم الاسرار الالوهية خرجا من تحت موت الجهل وبلغا الى ملك لا يبلى وذلك الملك ------ على اسرار قدر الازال والأباد ولهما الشيطان الى هذه المعالم والمعادن والغيبة وهو معزول عن مثله ----- تمشى على وجه الارض الى راس كنز وخلقه انسان ليقتلها فلما ضربها ظهر تحت ضربه كنز فصار الكنز له صار الحية مقتولة وبلغ الى الامرين العظيمين البلوغ الى المامول الفلاح من العدو فهكذا شان أدم الملعون الى كنز من كنوز الربوبية غرضه العداوة والضلالة فوصل أدم الاجتبائية الابدية بعد الاصطفائية الازلية وبلغ الملعون الى اللعنة الازلية الابدية قال الحصر بدت لهما ولم تبد بغيرهما لئلا يعلم الاغبار من مكان الجنابة ما علما ولو بدا للاغيار لقال بدت مهما ثم ذكر سبحانه تغيير أدم بالظاهر وأخفى تلك الاسرار فى المباطن قال { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } عصيان أدم الرجوع من الاصل الى الفرع ومن مكاشفة الى الجنة والميل من طريق الامر الى طريق النهى ولو سلك طريق الامر ليكشف الحق سبحانه ما كان فى الشجرة بغير عصيان فى بساتين غيبة ماية الف الف شجرة غيبية مملوة حاملة من علوم الاسرار ولكن سلبته صولة المحبة وتعجيل الاشتياق اكل من شجر القدم وصار سكرانا فى واد الازل بكشف علم الازل له فطلع على الجنان وكاد ان يفشى سر السر والغيب الغيب ويشوش احوال الجنانيين فاخرجه الحق الى حبس الدنيا وحبس لسانه عن افشاء سر القدم والبقاء فكان اصطفائيته الازليّة مصحوبة زلته فاستهلكت الزلة فى الاصطفائية وزاد عليها اجتبائيته الابدية التى لا تغيرها حوادث الدهور قال ابن عطا اسم العصيان مذمة الا ان الاجتباء والاصطفاء منع ان يلحق أدم اسم المذمة بحال قال جعفر طالع الجنان ويغمها بعينه فنودى عليه الى القيامة وعصى أدم ولو طالعها بقلبها لنودى عليه بالهجران ابد الابد ثم عطف عليه فرحمه بقوله { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ } فلما غرق فى بحر الامتحان والحجاب عن الجنان فاطلع على قلبه الرحمن ولم ير الا الشوق الى لقاء الرحمن اظهر نفسه له فى منازل الفرقة بوصف الوصلة بقوله ثم اجتنبه ربّه فتاب عليه وهدى زاد الاجتبائية على الاصطفائية وتاب الحق على صفية الازل القديم لا يلحقه الحدث وان اجتهد فاين يطلبه ولا اين فاقبل وكشف الجمال وهدى الى طريق الوصال الذى لا تفرق فيه بعد ذلك بادا بقوله فتاب عليه وهدى هدى منه اليه قال الواسطى العصيان لا يؤثر فى الاجتبائية وقوله ومعصى أدم اى اظهر خلافاً ثم ادركته الاجتبائية فازالت عنه من العصيان الا ترى كيف اظهر عذره بقوله فنسى لوم نجد له عزما وكيف يعزم على المخالفة من هو فى سر المعصية خصوصية الاجتباء والاصطفاء.