التفاسير

< >
عرض

طه
١
مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ
٢
إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ
٣
-طه

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ طه } ذكرنا ان حروف العجم صناديق اسرار الحق مع حبيبه ولا يطلع عليها بالحقيقة احد غيره وكل لسان عنها بقدر ما فتح لى قلبه من قلبه من علوم السرية ألهية وما قال فيه اهل الرسوم والحقائق يكفى المسترشد طرق الحقائق وما وقع بغير تكلف بالبديهة لهذا العارف ان الله سبحانه اخبر عن مقدم حبيبه من العدم الى القدم بروحه فالطاء طواف روحه وطوف سره فى صحارى هويته قبل القبل حين خرج رحمه من نور الغيب وطار فى هواء الهوية لطلب الذات السرمدى ومشاهدة الصفات الازلية حتى وصل بالحق الى الحق وطار فى دائرة هوية الغيب فوجد الحق بالحق وعلم من الحق بالحق ما فى الحق مقدساً بقدس الحق مطهرا بطهارة الصفة وهو بذاته تعالى جعله معرفا لخلقه صفاته وذاته هاديا يهديه عباده اليه بنعت المحبة والاسوة كانه قال يا طواف فقار الهوية فى غيب الازل ويا مطهرا من الاكوان والحدثان يا هاديا بنورى خلقى الى ما وطى احد على بساط هويتى افضل منك طويت لك تحت اقدام وهمتك صحارى الازليات والابديات حتى بلغ سرك سر هويتى بهوائى تهوى وتلطفت بطلف هوى نجم همتك بعد ارتفاعها بى فى هواء وحدانيتى على بساط ملكى وملكوتى فطاب بطسب وصالى يا طه لاجل ذلك قسمت به بقولى والنجم اذا هوى طوى لمن اهتدى بهديك وطاب عيش من هوى طريقتك يا بدا رافق سماوات القدم ويا غواص قاموس الكرم طاشت العقول فى ادراك مفلماتك وهامت القلوب فى اودية محبتك وطارت الارواح من حقائق اشاراتك قال ابن عطا فى قوله طه طا هديت لبساط القربة والانس وقال الواسطى هو مستخرج من الظاهر الهادى --- طاهر ------ وقال محمد بن عيسى الهاشمى طيى عن محمد صلى الله عليه وسلم الاكوان بما فيها وهذا لى ------ بكونهما وقال محمد صلى الله عليه وسلم الترمذى طوبتى لمن اهتد بك وجعلك السبيل الينا وقال الاستاذ الطاء اشارة الى طهارة قلبه عن غيره والهاء اشارة الى اهتداء قلبه الى الله ثم ان الله سبحانه ناطف على نبيه وخفف عليه اثقال العبودية لانه كان تحت اثقال سطوات الربوبية لا تحملها الاكوان بقوله { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } قام جميع الليل بالتهجد كله فقال سبحانه باواسط القدم على بساط حضرتنا الطلب المقام المحق لا تشق على نفسك لاجل زيادة الهداية فانك هديت فى الازل واصطفيناك لمشاهدتنا وقربتنا الرسالة والمحبة لا تحتاج الى كثرة المجاهدة فانك فى المشاهدة انزلنا عليك القرأن ليعرفك اسرار ذاتنا وصفاتنا وتعرف عبادنا اسرار العبودية واحكام المعرفة وعزة الربوبية انزلنا عليك القرأن ليقرن عنانه بعنان همتك ويبلنك الى منازل نافتدلى فاذا وصلت الينا فاومينك بنفسى اجدان جعلت القرأن مستانسك فاذا رايتنى رايت ذاتى وصفاتى وسمعت القران منى بلا واسطة فتعرف لن ----- الأكوان لا تفارق الرحمن قال الواسطى سمى القرأن قرأنا لانه يقارن متكلمه لا يباينه تعظيما الشان القرأن كما وصل الينا شعاع الشمس وحرارتها ولم يبين القرص قال بعضهم انزلناه اليك لتستروح الى كلامه حبيبه ولا يلحقه فيه التعب وقال الاستاذ ليس المقصود من ايحائنا اليك تعبك انما هو استفتاح باب الوصلة والتمهيد لبساط القربة ثم بين سبحانه لم انزل القرأن عليه قال { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } معناه بالحقيقة ان ارواح اهل الخشية قد استغرقت فى بحر القدم حين خرجت من العدم فعرفت منازل شهودها من مشاهدة الذات والصفات وعلمت اصطفائيتها وخاصيتها على بساط القرب وتلطف الحق بها وانبساطه معها بمحبته ايها فلما دخلت الاشباح بقيت معها خشية العظمة وصولة الهيبة فزاد خشيتها بعلمها بالله بالوصلة والفرقة وطرق عليها وحشت الفراق عن معادلها فانزل الله تعالى القرأن على حبيبه ليذكرهم ايام الوصال فى مقام الفراق ليذهب عنهم الظنون الحسبان ومعارضة النفوس وتخويف الشياطين بانهم لا يصلون الى تلك للتأهل والموارد

سقى الله اياما لنا ولياليا مضت فجرت من ذكرهن دموع
فيأهل لنا يوما من الدهر او به وهل الى الارض الحبيب رجوع

وايضا اهل الخشية هم العلماء بالله وبصفاته قال الله { { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } او الخشية صدرت من رؤية عظمة الحق الى قلوبهم فاذا دخلوا فى منازل الامتحان بالحجاب فانزل الحق القرأن ليذكرهم عظائم عظمة جبروته وسلطان قهر كبرياء لملكوته لئلا يتداخل اسرارهم غبار الاغيار ولا وحشة الاستكبار ولئلا يفتروا عن ملاحظة عزته وقهر كبريائه قال ابن عطا قيل له محمد انت امام اهل الخشية وسيدهم انزلناه تذكرة لك لتسكن اليه وتزول به الخشية عن قلبك ---- المحب يانس بكتاب حبيبه وكلامه وقال جعفر انزل الله القرأن موعظة للخائفين ورحمة للمذنبين وقال الاستاذ القرأن تبصرة لذوى العقول تذكرة الاولى الوصل فهولاء به يستبصرون فسالوا راحة اليقين فى اجلهم وهؤلاء به يذكرون فيجدون روح الانس في عاجلهم.