التفاسير

< >
عرض

مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ
٥٥
-طه

عرائس البيان في حقائق القرآن

الاشارة فيه الى الاجسام والهياكل لان الارواح من عالم الملكوت ولولا انها ستر لها الحق بقوالب ترابية لملات الاكوان والحدثان من روح واحدة ولاحترق الجميع فى انوارها ان الله سبحانه صوّع من اكسير الارض سبايك الاشباح لمعادن الافراح ورباها بنظام تجلى جماله وجلاله بقوله واشرقت الارض بنور ربها بها فلما حملت الارواح فى ميادين العبودية حتى طارت منها الارواح الى عالم الربوبية بقيت السبايك فى معادنها الزوائد تربية ربها فلما تمت التربية ربها ظلما تمت التربية لها من نور فعل الحق صارت الهياكل والارواح على لغوت الروحانية ولا يقوم الارض بحملها بعد ذلك ويكون موضعها عالم الغيب نعم التراب يا عاقل هو معادن نور الفعل ومصدر خاصية القبضة الجبروتية ما اشرف هذه الطينة حيث تخمرت بقبض الازل والابد كان معدنها معدن ملك الصفات ورجوعنا من الصفات الى عالم الذات الا ترى كيف قال سبحانه فى اصل خلقتنا وخلقت بيدى ونفخت فيه من روحى فصدرتما من الصفة لرؤية الذات وصدرنا من الذات للعلم بالصفات انظر كيف قال لحبيبه عليه السّلام ان الذى فرض عليك القرأن لرادك الى معاد الله الله لا تظن حديث النسطورية والافروقية التى قول بالثالث والثلاث فانهم فى غلط الخيالات وقعوا فى انقسام الجزئيات من الكليات فنحن وقعنا من زنود تجلى القدم فى العدم فكنا معدومين ونكون معدومين ونحن فى وجودنا معدومون من حيث الحقيقة لان من ليس وجوده منه وبقاؤه به معدوم من حيث الحقيقة والمعدوم يكون معدوماً كما لم يكن فى العدم والقديم لا يزال كما لا يزل فى القدم فمنها خلقنا كم وقع على تراب العدم الذى فى قبضة القدم قيل ليحيى بن معاذ ما بال الانسان يحب الدنيا قال حق له ان يحبها منها خلق وهى امه وفيها نشأ فهى عيشه ومنها قد قدر رزقه فهى حيوته فيها يعاد فهى كفاية وفيها كسب الجنة فهى مبدأ سعادته وهى ممر الصالحين الى الله فكيف لا يحب طريقا يأخذ بسالكه الى جوار ربّه.