التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ
٧٣
-الحج

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } بين الله سبحانه انه ذل الخليقة تحت قهر سلطانه وعظمة كبرياء قدمه لئلا يقبل على معدن الضعف وذل من يطلب الغر السرمدى فان الخليقة ممنوعة عن قوة قادرية احدية وكيف يكون لها مشية وقدرة وجميعها فى قبضة الجبروت عاجزة اسيرة لعزته وجلاله دعى الخلق بنعت الاقبال اليه لسان الغيرة عن الاقبال على معادن الحديثة ليكونوا عارفين ----- الربوبية وذل الخليقة قال ابن عطا دلهم بهذا على مقاديرهم فمن كان اشد هيبة واعظم ملكا لا يمكنه الاحتراز من اهون الخلق واضعفه يعلم بذلك عجزه وضعفه وعبوديته وذلته ولا يفتخر على ابناء جنسه من بنى أدم بما يملكه من الدنيا قال ابو بكر من طاهر ضعف الطالب ان يدركه والمطلوب ان يقوه ثم بين سبحانه بعد ذكره عجز الخلق والخليقة جلال قدره الذى لا يعرفه غيره بقوله { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } ازال المخائيل والاوهام ---- عن ادراك جلاله وقدره وهذا شكاية الله عن اشارة الخلق اليه بما هو غير موصوفه به ذكر غيرته اذا اقبلوا الى غير من هو موصوف بالقوة الازلية والعز السرمدية الا ترى كيف قال الله { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } قال الواسطى لا يعرف قدر الحق الا الحق وكيف يقدر قدره احد وقد عجز عن معرفة قدر الوسائط والرسل والاولياء والصديقين ومعرفة قدره ان لا تلتفت عنه الى غيره ولا تغفل عن ذكره ولا تفتر عن طاعته اذا ذاك عرفت طاهر قدره واما حقيقة قدره فلا يقدر وقدرها الا هو ثم بين سبحانه انه اصطفى من الملائكة ومن الناس رسلا يخبرون عنه ما يتعلق بعجز الخلق من ادراكه من وصف ذاته وصفاته بقوله { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ } الملائكة وسائط الانبياء والانبياء وسائط العموم والاولياء للاولياء خالصة.