التفاسير

< >
عرض

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ
٢٢
إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ
٢٣
-النمل

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } فلما قال احطت بما لم تحط به عجب سليمان ثم اسرع فى قوله { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } فلما سمع سليمان قوله وجرأته عنده علم انه تكلم من راس العشق ويجب قوله عجائب فلما الخبر تمام الحكاية سكن سليمان عنه واشتغل باتيان بلقيس وجعله رسولا بينه وبين بلقيس وما اطيب سوال العاشق العشق اذ كان عاشقا انظر الى ظارفة هدهد وطلافه كلامه عند سليمان كيف ذكر { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً } مرتين ساير ما راى من الملك والبلاء والعساكر ثم ذكر محاسنها بالطلف الاشارة بقول { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } وما ذكر وصف جمالها بالتصريح لانه علم ان ذلك من سوء الادب ولا تعجب ذلك فان الانبياء والاولياء اذا استانسوا بعالم المبكوت لم يصيروا من رؤية المستحسنات الا ترى كيف كان سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه يحب الوجه الحسن ومن فطر حب الله قال حبيب الىّ من دنياكم ثلث الطيب والنساء وتحاش انهم يلتفتون الى شئ لا يكون وسيلة الى الله واحسن وسيلة الى الله عند العارف القفلى الوجه الحسن والصوت الحسن الطيب ورؤية كل مستحسن فى العالم من الارواح والاشباح والجواهر واعراض لان حسنها صدر من معدن حسن الازل ولذلك قال عليه السّلام برؤية الحسن ان حسن الحسن الوجه الحسن والصوت الحسن والخلق الحسن وقال ذو النور من استانس بالله استانس بكل شئ مليح ووجه صبيح وبكل صوت طيب وبكل رائحة طيبة قال الجنيد فى قوله لا عذبنه ولا فرقن بينه وبين الفه وقال جعفر لابنتيه بشتان السر وقال جعفر الخلدى لالزمنه صحبة الاضداد فان ذلك من اشد العذاب قال بعضهم لا بعدنّه من مجالس الذاكرين جئنا الى قصة العشق فى اشارة قوله سبحانه حاكيا عن قول الهدهد.