التفاسير

< >
عرض

وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦٠
-العنكبوت

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } حث سبحانه العباد بالتوكل عليه والتيقن بطليف صنعه والكرم العميم منه على جميع البرية وبان يرث العباد بما يجرى عليهم من الاقدار السابقة فى الازل ولا يكونوا مهتمين بما يستقبلون من الايام الباقية والاعمار الماضية بجهة الرزق لانه تعالى قدر مقادير الخلق قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وما قدر فى الخلق والخلق والرزق والاجل لا يتبدل بقصد القاصدين وجهد الجاهدين لا ترى الى الوحوش والطيور لا تدخر شيئا الى الغد تغدوا خاصا وتروح بطنا لا تكالهم على الله بما وصل الى قلوبهم من نور معرفة خالقها كيف يكون الانسان يهتم لاجل رزقه ويدخر شيئا لغده ولا يعرف حقيقة رزقه واجله فربما ياكل ذخيرته غيره ولا يصل الى غده لذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئا لغد اذا الارزاق مجددة كالانفاس المجددة فى كل لمحة ولذلك وصف الله سبحانه فى اوايل الأية اهل التوكل والرضا بقوله الذين صبروا على ربهم يتوكلون ثم بين انه تعالى رزاق جميع ذوات الارواح بقوله { ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } ليسقط عن القلوب اهتمام الرزق من قلوب الخصوص والعموم لاجل نفوسهم ولغيرهم لانه سميع مقالة السايلين فى طلب حوائجهم منه عليهم بما ادخره من ارزاقهم فى خزائن وجوده دقيقة اشارة التوحيد ان الارزاق فى اماكن العدم معدومة ولا يوجدها بالحدثان لان ايجادها من نعوت قوت الرحمانية الازلية ولو يحصرها بجميعها كيف تحملها الدابة واصل حقيقة الرزق مشاهدة العدم والارواح ولا تحمل سطواتها فى وقت التجلى بل الله يكسبها قوة ازلية تحمل بها منه ما عليه من كنه كشفه قال بعضهم فى تفسير قوله لا تحمل ردتها قال لا تدخر شيئا لغد قال النهر جورى لا تجزعوا من التوكل فانه عيش لاهله قال الله وكاين من ---- الأية وقال ابن عطا يرزقها بالتوكل ويرزقكم بالطلب.