التفاسير

< >
عرض

إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ
١٩٠
-آل عمران

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } فى هذه الاية اشارة لطيفة وذلك ان الله سبحانه وصف الربانين بادراك انور صفة الازل وذات القدم فى ظهورقدرته فى فعله اى لهم برهان منه اليه لا من الخلق لان فى ايجاده غلقة يدركه نظار المعارف وحذاق الكواشف لا فى رؤية الخلق لان الحدث حجاب عن رؤية القدم وهذا مقام الخليل صلوات الله عليه احسن الادب وعلل فى السوال برؤية الخلق مراده وادراك الربوبيت المحضة وذلك السوال اعظم من سوال موسى لان موسى سال رؤية الله تعالى قط بغير الواسطة وهذا عام وما سال الخليل بالواسطة ادق لانه سال سر التقدير والقدرة من كمال شوقه من معرفته الى نكرته ومن نكرته الى معرفته وايضا خص السماء بظهور الايات منها لانها مزينة بنور جلاله ملتبسة بسنا جماله لانها مرأة كواشف الصديقين وطرق معارج المرسلين الا ترى الى قوله الله نور السموات والارض وقال وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والارض وكشف جلاله للخليل بواسطة الشمس والقمر والنجم حتى قال هذا ربى وخاصية الارض لموقع اقدام الصديقين والانبياء والمرسلين واشراق نوره للمراقبين والمشاهدين لانها مقبوضة بطش الحق بقبضة العزة قوله والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه واخبر النبى صلى الله عليه وسلم فى معالم القدرة عن ظهور جلال الازل من مواقف المقدسية بقوله جاء الله من سينا واستعلن بساعير واشرف من جبال فاران وخص الليل لانها محل مناجاة العارفين وكشوف عظمته فهو الازل بنعت الهيبة للموحدين وحض النهار لانه سبب فرحة المحبين وموضع بسط المشتاقين ورؤية جلاله للمبصرين الذين يرون الله فى مرأة الكون بنور القدرة وسناء المعرفة وفقوا الباب المعارف على هذه الشواهد وراؤ الشاهد قل المشاهد كما قال بعضهم ما نظرت الى شئ الا ورايت الله فيه راى الباء الحقيقة انور فعله فى السموات والارض والليل والنهار ثم اراهم فيها انوار القدرة الخاصة الصفاتية وارى ذاته تعالى فى انور الصفة فعلا الحقائق يلفظ المجهول وايهم على الاغيار اسرار معانى الخطاب بقوله الأيات وعنى بالأيات ما ذكرنا انشد بعضهم.

ان المودة لم تزل موصولة قرر بلادى واكثروا دادى
واحذر عداة الحى ان يلقوك وليظن العداة انك حادى

هذا محل الالتباس وشبيه ذلك ما اخبر تعالى لمن حق فهم ظهور جلال عظمته فى لباس المقهر وفعل المجهول من المقصرين فى نعوت الارادة حيث قال هل ينظرون الا ان ياتيهم الله فى ظل من الغمام ومع هذا لو كانوا هؤلاء شاهدين على نعت رؤية الفردانية لم تحلهم الى رؤية الصفة فى الأيات لانها وسائط تليق بمقام المحبة وافراد القدم عن الحدوث مقام اهل التوحيد حيث يرونه به لا بغيره الا ترى كيف خاطب الحق من انسلخ من نعوت الحدث الى نعوت الازل صلى الله عليه وسلم حيث قال الم تر الى ربك ولولا انهم حجبوا بالعقول ما ردهم الى رؤية الحوادث بان الله سبحانه خلق العقول لجولانها فى الايات بنعت التفكير والتذكير وخلق الارواح لتنفسهم نفخات تجلى القدس من بساتين الانس وايضا من احتاج فى معرفة الله سبحانه الا رؤية الايات لثبت بها وجود الحق سبحانه فهو عامى حيث يعرف القديم بالمحدث وان الاكوان تلاشت فى اول باد بدأ من نور العظمة والكبرياء القديم قال الجنيد كل من اثبته بعلة فقد اثبت غيره لان العلة لا تصبح الا معلولا جل الحق عن ذلك وقال الواسطى فى هذه الأية هو فرق ما بين معرفة العامة ومعرفة المحققين لان العامة اعتقد به بما يلق بطبعها والخواص اعتقدوا به بما يليق به وكل حال اثبته العموم حجدته الخصوص فهو عند الخاص منزه من كل ما وصفه به العامة لان العام اعتقدوه من حيث العبويجة والخاص اعتقدوه من حيث الربوبية وقال بعضهم ان الخواص لم ينظروا الى الكون والحوادث الا لمشاهدة الايات وما شاهدوا الايات الا لمشاهدة الحق فها ومن شاهد الحق لم يمازح سريرته طعم الحدث وقال انصر ابادى من لم يكن امن اولى الالباب لم يكن له فى النظر الى السموات والارض اعبتار والو الالباب هم الناظرون الى الخلق بعين الحق.