التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٢٠٠
-آل عمران

عرائس البيان في حقائق القرآن

-- الحق سبحانه حقيقة لهيب نيران فواد المشتاقين ونسلاهم بخطابه وبما امرهم بالصبر فى لوغة الفراق اى صبروا ايها المشتاقون فى ركوب عظائم الام المحبة والشوق على قلوبكم بتذكيركم بلوغ وصالى فاذا اشدت الامر عليكم بالصبر فى بلائى صابروا على الصبر بكيلا يجزع صبركم فى غناء الفرقة والاحتراق فى المحبة اصبروا بمشاهدتى وصابروا بوصلتى فى طلبكم حقائق معرفتى صبروا باسراركم وصابروا باسرارى ولا تكشفوا ما عند الاغيرا واربطو قلوبكم بكتمانها واتقوا الله فى افشاء السر كيلا تحجبوا عنه لعلكم تفلحون تظفرون بنعمة جمالى وحسن وصالى وتفوزون من اليم عذاب فراقى وانشد ابو حمزة الصوفى

نهانى حياتى منك ان اكتن الهوى وغنيتنى بالفهم عن من الكشف
تلطفت فى امرى فابدات شاهدى الى غايتى واللطف يدرك باللطف

وانشد ابو بكر احمد بن ابراهيم المودب لابراهيم الخواص

صبرت على بعض الاذى خوف كله ودافعت عن نفسى لنفسى فعزت
وجرعتها المكروه حتى تدربت ولو جملة جرعتا الا شمازت
الادب ذل ساق للنفس عزة ويارب نفسى التعزز ذلت
اذا ما مدتت الكف التمس الغنى الى غير من قال لسالونى فشلت
ساصبر نفسى ان فى الصبر عزة وارضى بدنيايى وان هى قلت

وانشد الشبلى فى حقائق الصبر

عبرات خططن فى الخد سطرا فقرأه من لم يحسن يقرء
صابر الصبر فاستغاث به الصبر فصاح المحب بالصبر صبرا

قال الجنيد ان الله تعالى ذكروا لاصبر وشرفه وعظم شان الصابرين لديه فقال يا ايها الذين أمنوا اصبروا واصابرو امرهم بالصبر على الصبر ثم قال واربطوا وهو اترباط السر مع الله سر والوقوف مع البلاء جهر قال النبى صلى الله عليه وسلم الصبر عند الصدمة الاولى قال الحارث الصبر التهدف لسهام البلاء وقال الجريرى الصبر اسبال التولى قبل وقوع البلوى فاذا صارف البلوى تلقاه بالتولى ولم تجرع قال بعضهم اصبروا تحت حكمى وصابروا فى الحلاوة مع اعدائى واربطا قلوبهم بموافقتى ورضائى وقال جعفر اصبروا عن المعاصى وصابروا على الطاعات ورابطوا الارواح بالمشاهدة واتقوا الله اى اجتنوبا الانبساط مع الحق لعلكم تفلحون تبلغون مواقف اهل الصدق فانه محل الفلاح وقال بعضهم اصبروا بجوار حكم على الطاعات وصابروا بقلوبكم مع الله ورابطوا باسراركم بالحقائق سبل الشوق والمحبة وقال بعضهم اصبروا بالله وصابروا مع الله ورابطوا اسراركم بالحقائق لعلكم تجردون عن همومكم وخطراتكم قال ابن عطا الصبر للمطعين والمصابرة للمحبين والمرابطة للعارفين وقال الصبر الله والمصابرة بالله والمرابطة مع الله وقال الاستاد الصبر فيها بتفردية العهد والمصابرة مع العدو والرباط نوع صبروا ولكن على وجهة مخصوص ويقال اول الصبر لتصبر ثم الصبر ثم الصابرة ثم الاصطبار وهو نهايته ويقال اصبرا على الطاعات وعن المخالفات وصابروا فى ترك الهوى والشهوات وقطع المنى والعلاقات رابطوا بالاستقامة او الزلفة على شهود الجمال والعزة وقد وقع لى قول بعد اقوال اشباح المعرفة زيادة على قولى فى الاية قبل اقوالهم ان الله سبحانه اعلما فى هذه الاية باين اربع مراتب من عظائم مقامات اهل الكمال فى التوحيد الاول مقام المعرفة والثانى مقام النكرة والثالث مقام الفناء والرابع مقام البقاء واضاف الصبر الى المعرفة والمصابرة الى النكرة والمرابطة الى الفناء والفلاح الى البقاء اى اصبروا فى معرفتى حتث اعرفكم نفسى بنفسى فان فى عرفانى مباشرة السر بالسر وتخلق الصفة بالصفة واتحاد الذات بالذات اذا كنتم فى مقام الاتحاد بادراك ربوبيتى اصبروا بكتمان دعوى الربوبية فانكم فى مقام المكر وانتم لا تعلمون واذا وقعتهم فى بحار الوهيتهى واختلط بكم بحار السرمدية والازلية ولا يعرفون طرق معرفتى بعد وقوعكم فى نكرتى ونكرتى جهلكم فى بعد معرفتكم بى حيث امتزج ظلام القهريات بانوار اللطفيات اصبروا هناك لكى تدركوننى فيربحون بكم ذوق وصالى وسكر مشاهدتى وصحو صحبتى من غمرات النكرات فانكم فى النكرة على محل غيرتى على لكم واذا انكشف لكم سطوات عظمته قدمى وبرزت انوار ازليتى وانتم فى محل الاضمحلال والفناء عنكم وارباطو اسرركم فى انوارى كيى تتلاشوا بى عنى فيقوتكم ادراك لطائف الغيبية ووضوح اسرار الازلية فاذا استفهم فى الفناء عنكم ولقيتم بى على تفلحون باستبال بقائى عليكم حتى تخرجون من بحار الفناء بشطر البقاء فاذا صرتم باقين ببقائى فزتم عن ورطة الفناء بعد ذلك ولا تجرى عليكم احكام التلوين بعد الاستقامة والتميكن.