التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣١
-آل عمران

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } اى قل ان ادعيتم محبة الله وانتم صادقون فيما ادعيتم فاتبوعنى فانى سيد المحبين ورئيس الصديقين ومقدم المرسلين وقدوة المريدين حتى اريكم مغيبات المهلكات وغوامض طريق المنجيات ودقائق احكام المشاهدات واسرار لمعات المداناة ورشدكم الى حسن المعاملات وافضل الطاعات واعلمكم حسن الاداب ونفائس الاخلاق زاد الى الماب لان قد كوكشفت باسرار انور القربة وان متاعتى حقيقة شكر محبة المحبوب واذا شكرتم الله بمتابعتى زادكم انه محبته ومعرفته قال تعالى فاتبعونى يحببكم الله وقال لئن شرتم لازيدنكم وحقيقة المحبة عند العارفين والمحبين احتراق القلب نيران الشوق وروح الروح بلذة العشق واستغراق المحواس فى بحر الانس وطهارة النفس بمياه القدس ورؤية الحيب بعين الكل وغمض عين الكل عن الكونين وطيران السر فى غيب الغيب وتخلق المحب بخلق المحبوب وهذا اصل المحبة اما فرع المحبة فهو موافقة المحبوب فى جمع ما يرضاه وتقبل بلائه بنعت الرضا والتسليم فى قضائه وقدره بشرط الوفاء بومتابعة سنة المصطى صلوات الله وسلامه عليه وأما اداب اهل المحبة الانقطاع عن الشهوات واللذات والمسارعة فى الخيرات والسكون فى الخلوات والمراقبات واستنشاق نفحات الصفات والتواضع فى المناجات والشروع فى النوافل والعبادات حتى صاروا متصفين بصفات الحق منقديين بنروه بين الخلق قال الله تعالى الا يزال العبد بتقرب الى بالنوافل حتى كنت له مسعا وبصير ولسنا ويدا وصرف المحبة لا يكون الا بعد ان يرى الروح النطاقة بعين السر مشاهدة الحق بنعت الجمال وحسن القدم لا بنعت الالاء والنعمة لان المحبة اذا كانت من تولد رؤية النعماء تكون محبة معلولة وحقيقة المحبة ما لا علة فيها من المحب والحبيب شئ دون المحبوب وقال ابو عمر بن عثمان محبة الله هى معرفته ودوام خشيته ودوام اشتغال القلب به ودوام انتصاب القلب بذكره ودام الانس به وقال محد بن حنيفرحمه الله المحبة الموافقة لله فى التماس مرضاته وقال بعضهم المحبة هى موافقة القلوب عند بروز لطائف الجمال وقال ابو يزيد احببت الله حتى ابغضت نفسى وابغضت الدنيا حتى احييت طاعة الله وتركت ما دون الله حتى وصلت الى الله واخترت الخالق فاشتغل بخدمتى كل مخلوق وقيل المحبة هى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فى اقواله وافعاله واحواله وأدابه الا ما خص به لان الله قرن محتبه باتباعه وسئل الانطاكى ما عدمه الممكبة قال ان يكون قليل العبادة دائم التفكير كثير الخلوة ظاهر الصمت لا بصر اذا تطرق لا يسمع اذا نودى والا يحزن اذا اصيب ولا يفرح اذا اصاب لا يخشى احد ولا يرجوه وسئل يحيى بن معاذ عن حقيقة المحبة قال الذى لا يزيج بالبر ولا نيفص بالجفوة وقال جعفر فى قوله ان كنتم تحبون الله فاتبعونى قال قيد اسرار الصديقين بمتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم لكى تعلموا انهم ان علمت احوالهم وارتفعت مراتبهم لا يدرون مجاوزته ولا للحوق به وقال ابن عطا فى هذه الاية امر بطلب نور الادنى من عمى عن نور الا على واقول لا وصول الى النور الا على من لم يستدل عليه بالنور الادنى ومن لم يجعل السبيل الا النور الا على والتمسك باداب صاحب النور الادنى ومتابعة فقد عمى عن نورين جمعا والبس ثواب الاعتراف قال ابو يعقوب السوسى حقيقة المحبة ان ينسى العبد حظه من ربه وينسى حوائجه قال الواسطى لا يصح المحبة والاعراض على سره اثرو للشواهد فى قلبه خطر بل صحة المحبة نسيان الكل فى استغراق مشاهدة المحبوب وفناءه به عنه وقال ابن منصور حقيقة المحبة قيامك مع محبوبك بخلع اوصافك والاتصاف باتصافه قال الشيخ ابو عبد الرحمن سمعت النصر ابدى يقول بمحبة توجب عن الدم ومحبة توجب سفكه باشياق الحب وهو الاجل وروى ابو الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله قال على البروا التقوى والتواضع وذلة النفس وسئل عمرو بن عثمان المكى عن المحبة قال المحبة فى نفسها اصلها التواضع فى القلوب من لطف المعانى المنى يعاينها من المحبوب على شرط ما تعلقت به وسئل سهل بن عبد الله ما علامة المحبوب فقال ان لا يزال لءانه ذاكر الحبيبة مشغوف به متساناس مسرور به حامدا شاكرا له وجوارحه مشغولة بمرضاة حبيبه فهو المحب له ولمرضى عنه وقال الاستاد المحبة تشير الى صافء الاحوال والمحبة توجب الاعتكاف بحضرة المحبوب بالسر ويقال حب البعير اذا استناخ فى ييرح بالضرب للحب حرفان جاءٌ وباءٌ والاشارة بالحاء الى الروح والاشارة من الباء الى البدن والمحب لا يدخر عن محبوبه لا قلبه ولا بدنه.