التفاسير

< >
عرض

تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
١٦
-السجدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } وصف سبحانه اهل وده ومحبته وعشقه وشوقه الذين اذا ناموا ناموا بالحق من كمال سكرهم واذا انتبهوا من ركضة الام حزن فوت وصاله ولذيذ مناجاته فانصرف جنوبهم عن مضاجعهم بغير اختيارهم كان الارض القتهم من نفسها وذلك مما ينشكف لهم من استار الملك والملكوت ويظهر لهم انوار مشاهدة الحق وينفخ ابواب قربه ووصاله ثم زاد فى وصفهم بقوله { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً } خوفا من هجرانه واجلالا لجلاله طمعا فى وصاله { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } يعنى يبذلون ارواحهم واشباحهم لله ثم ذكر ما يجازيهم من جمال قربه وكشف لقائه بقوله { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } قوة اعينهم انوار جماله وجلاله وذلك جزاء احتراقهم فى حبه بقوله { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } قال سهل فى قوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع ان الله وهب لقوم هبة وهوان أذن لهم فى مناجاته وجعلهم من اهل وسيلته وصوفته وخبرته ثم مدحهم على ذلك اظهارا لكرامته بانه وقفتهم بما وقفتهم له فقال تتجافى فى جنوبهم عن المضاجع وقال ابن عطا جفت جنوبهم وابت ان تسكن على بساط الغفلة وطلب بساط القربة والمناجاة وانشد

جفت عينى عن التغميض حتى كان جفونها عن قصار
كان جفونه سلمت بشوك فليس لنومه فيها قرار
اقول وليتنى تزداد طولا ايا ليل لقد بعد النهار

وقال جعفر خوفا منه وطمعا فيه وقال بعضهم خوفا من القطيعة وطمعا فى الوصلة وقال ابن عطا -----اعينهم بما سبق لهم من حسن الموافقة مع ربهم وقال سهل قرت اعينهم بما شاهد وامن ظاهر الحقائق وباطنها الذى كشف لهم من علم المكاشفة مراده وتمسكوا به فقرت بذلك اعينهم وسكنت اليه قلوبهم وقال الجنيد تجافت جنوب العارفين عن انفسهم وتقطعت قلوبهم للحق وجنبت اسرارهم بالصدق قال محمد بن على الباقر تجافت جنوب الزهاد من نعيم الدنيا لما وجد وامن حلاوة نعيم العقبى وجنوب العارفين عن التدبير والاختيار فاستقروا على احكام الرضا وقال ابن عطا اخفى لهم من مبارزة ما يعجز النفوس من التفكر فيها فلن تامنها قال الاستاذ اما الاحباب فالليل لهم اما طرب فى التلاقى او طرب الفراق فان كانوا فى انس القربة فليلهم اقصر من الحظة كما قالوا

زارنى من هويت بعد بعاد بوصال مجدد وواد

وان كان الموقت وقت مقاساة فرقة والفراد بكونه فليلهم طويل كما قالوا

كم ليلة فيك لاصباح لها افنيتها قابضا على كبدى قد عصت العين بالدموع وقدوصفت خدى على بنان يدى

وقال خوفاً من العذاب وطمعا فى الثواب وأخرون خوفا من الفراق وطمعا فى التلاقى.