التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١
مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢
يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
٣
-فاطر

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } حمد قدمه بما اوجد من العدم بعين صورة لا مثال وجعل حمده ----- للمحامدين له بان الحمد منه له حقيقة ويغنى حمد الحامدين فى حمده نفسه جعل للملائكة اجنحة المعرفة على مراتب المقامات فضل بعضهم على بعض فى ذلك بقوله مثنى وثلاث ورباع وللارواح القدسية اجنحة منها جناح المعرفة ومنها جناح التوحيد ومنها جناح المحبة ومنها جناح الشوق فبجناح المعرفة تطير الى عالم الصفات وبجناح التحيد تطير الى عالم الذات وبجناح المحبة تطير الى المشاهدة وبجناح الشوق تطير الى الوصال قال جعفر اجنحة المؤمنين اربعة اجنحة التوحيد واجنحة الايمان واجنحة المعرفة واجنحة الاسلام والموحد طير باجنحة التوحيد الى الجبروت والمؤمن يطير باجنحة الايمان الى المشاهدة والعارف يطير باجنحة المعرفة الى الملكوت والسلم يطير باجنحة الاسلام الى الجان قيل الاجنحة اربعة اجنحة التعظيم واجنحة التفريد واجنحة الحياة واجنحة الحياء للواصلين قال الجنيد الحمد لله الذى جعل ما انعم على عباده من انواع نعمه دليلا هاديا الى معرفته ثم بين سبحانه انه بفضله يزيد فى حالات العارفين ومعاملات المحبين وحسن العاشقين والمعشوقين بقوله { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } يزيد فى قلوب العارفين المعرفة وفى قلوب المحبين المحبة وفى قلوب المشتاقين الشوق وفى قلوب العاشقين العشق وفى قلوب المريدين لارادة وفى ابدان الصديقين قوة العبادة وصفاء المعالمة وفى وجوه المستحسنين الحسن وفى حلوق الروحانين حسن الصوت وقال ابن عطا حسن المعرفة بالله وحسن الاقبال عليه وحسن المراقبة له والمشاهدة اياه قتال بعضهم يزيد فى الخلق ما يشاء محبة فى قلوب المؤمنين وقيل التواضع فى الاشراف والسخاء فى الاغنياء والتعفف فى الفقراء والصدق فى المؤمنين والشوق فى المحبين والوله فى المشتاقين والمعرفة فى الوالهين والفناء فى العارفين قيل الخلق الحسن وقيل الصوت الحسن قال الاستاذ الفصاحة فى النطق ثم بين سبحانه ان هذه النعم غير مكتسبة ولا لها مانع بدفع عمن اختاره الله بها ولا هى مستجلية يتمنى المتمنين بقوله { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ } الرحمة ها هنا المعرفة بالله والاصطفائية الازلية فاذا فتح على ولى من اوليائه ابواب كنوز لطايف انوار صفاته وذاته وجعله بصير الام الكونين وعالما بمراد الله منه لا يدفع عنه ذرة من ذلك جميع الخلق فانه يختص برحمته من يشاء قال ابو عثمان ما يفتح الله لقلوب اوليائه من القربة والانابة والانس او اجتمع الخلق كلهم على ان يمسكوه عن ذلك لعجزوا عنه وما امسكوا ما ارسل الله ومن اغلق الله قلوبهم عن الانابة اليه والقرب منه فلو اجتمع الناس على ان يفتحوه ما قدروا على ذلك وعجزوا عنه ثم انه تعالى لما بيّن موضع الخاصية فى افتتاح نعمه على الصادقين حثهم على تذكر نعمه وشكر ما انعم عليهم من لطائف جوده بنعت افراد قدمه عن الحدوث بوصف ففى الاتداد عن جلال كبريائه بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } ذكره معرفته ونعمته وشاهدته فوجب حقوق المعرفة والمشاهدة على من عرفه وشاهده بانه اسقط الاسباب بينه وبين خالقه فيما اولاه من ارزاق وصلته ولطائف قربته قال ابن عطا من علم انه لا رازق للعباد غيره ثم يتعلق قلبه بالاسباب فهو من المبعدين عن طريق الحقائق قال القاسم يرزقكم من السّماء والهداية ومن الارض اسباب الغذاء والحفظ والبقاء وما سخ لى من معنى السماء والارض ها هنا السّماء عالم الربوبية يرزقهم منها لطائف علوم المعارف وانوار جلال الكواشف والرزق هناك التجلى والجذب والكشف بالبديهة وواردات المواجيد وستى المخاطبات والارض عالم العبودية يرزقهم منها بصفاء المقامات ولطيف المعاملات وسنا الحكم والفراسات وايضا السّماء اشارة الى الروح والارض اشارة الى القلب والرزق الذي يبدو من عالم الروح علوم المعرفة وما ينبت من ارض القلب فهى علوم الحكمة.