التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ
٣٢
-فاطر

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ } من الله على عباده المصطفين فى الازل بمعرفته ومحبته ان اعطاهم كتابه وعلمهم عجايبه وغرائبه فالاصطفائية تقدمت الوارثة اصطفا بمحبته ومشاهدته ثم خاطبهم بماله عندهم ومالهم عنده وهذه الميراث الذى اورثهم من جهنم نسب معرفتهم به واصطفائيته اياهم وهو محل القرب والانبساط لذلك قال ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا ذكر ثم للتاخير ثم قسمهم على ثلاثة اقسام ظالم ومقتصد فى سابق الحمد لله الذى جعل الظالم عندى والله اعمل واحكم الذى وازى القدم بشرط ارادة حمل وارد جميع الذات والصفات وطلب كنه الالوهية بنعت ادراكه فاى ظالم لو اعظم منه اذا طلب شيئا مستحيلا الا ترى الله سبحانه كيف وصف بهذا الظلم بقوله وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولاً وهذا من كمال شوقه الى حقيقة الحق وكمال عشقه ومحبته جلاله وجماله وايضا الظالم من اظهر سر الاسرار من غلبة المواجيد عند الخلق وايضا الظالم من اخرج قدم المعرفة من جادة الرسوم من كمال سكره لانه خرج من حد التمكين وايضا الظالم الّذى قلب عليه عشق الازل ويريد ان يكون الازل بعينه وهذا نعت المتحد واى ظالم اعظم من الحادث الذى وقف فى مقام لذة المشاهدة عن السير فى الالوهية وايضا الظالم الذى احتجب منه به ولا يعرف ان ذلك مكر الازل وايضا الظالم الذى يحب الحق لراحة مشاهدته وايضا الظالم الذى يطلب منه الكرامات والألات والدرجات وايضا الظالم الذى أثر البقاء على الفناء والمقتصد والله اعلم الذى عرف الحق بالحق وجعل الخلق للحق ولا يتجاوز عن حدود العبودية الى عالم الربوبية والمقتصد ايضا الذى استوت احواله وافعاله واقواله وسكره وصحوة وفناء والسابق الخيرات هو المستقيم فى جميع الاحوال وصحوه اكثر من سكره وبقاؤه اترى من فنائه وهو السابق فى الازل بالتقدم على اهل الاصطفائية من اهل الولاية وايضا الظالم المريد والمقتصد المحب والسّابق العارف وقال الحسين البصرى السابق من ------والمقتصد من استوت حسناته وسياته والظالم الذى ترجم سياته على حسناته قال جعفر الصادق فرّق المؤمنين ثلث فرق سماهم مؤمنين اولا عبادنا اضافهم الى نفسه تفضلا منه وكرما ثم قال اصطفيناهم جعلهم كلهم اصفياء مع علمه بتفاوت معاملاتهم ثم جمعهم فى اخر الأية يدخلون الجنة فقال { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } ثم بدا بالظالمين اخبار انه لا يتقرب اليه الا بصرف كرمه وان الظلم لا يوثر فى الاصطفائية ثم ثنى بالمقتصدين لانهم بين الخوف والرجاء ثم ختم بالسابقين لئلا يا من احد مكره كلهم فى الجنة بحرمة كلمة الاخلاص قال الجنيد ذكر الميراث دل على ان الخلق فيه خاص وعلم ان الميراث لمن هو اقرب واصح نسبا فتصحيح النسبة هو الاصل قال الظالم الذى يحيه لنفسه والمقتصد الذى يحبه له والسابق هو الذى اسقط عنه مراده لمراد الحق فيه فلا يرى لنفسه طلبا ولا مراد الغلبة سلطان الحق عليه مسئل النور عن قوله ثم اورثنا على ماذا عطف بقوله ثم قال عطف على ارادة الازل والامر المقضى قال ثم اورثنا من الخلق الذين سبقت لهم منا الاصطفائية فى الازل وقال عبد العزيز المكى المغفرة للظالمين والرحمة للمقتصدين والقربة للسابقين وقال الحسين الظالم الباقى مع حاله والمقتصد الفانى فى حاله السابق المستغرق فى غناء حاله وقال النصر ابادى لا ميراث الا عن نسبة صحح النسبة ثم ادّع الميراث وقال ايضا ميراث الكتاب للذين فهموا عن الله خطابه فكل فهم على قدره فالظالم فهم منه محل المغفرة والثوب والعقاب والمقتصد فهم منه محل الجزاء والاعراض والجنان والسابق استغرقه التلذذ بالخطاب عن ان يرجع منه انى شئ سواه وقال ابو يزيد الظالم مضروب بسوط الامل مقبول لسيف الحرص مضطجع على باب الرجاء والمقتصد مضروب بسوط الحسرة مقتول بسيف الندامة مضطجع على باب الكرم السابق مضروب بسوط المحبة مقتول بسيف الشوق مضطجع على باب الهيبة قال ابو يزيد الظالم فى بنيان العلم والمقتصد فى ميدان المعرفة والسابق فى ميدان الوجد قال محمد بن على الايمان للظالمين والمعرفة للمقتصدين والحقيقة للسابقين قال ابن عطا الظالم معذب والمقتصد معاتب والسابق ناج للمقتصدين الحقيقة للسابقين قال ابن عطا الظالم معذب والمقتصد معاتب والسابق ناج مقرب قال بعضهم الظالم لنفسه أدم والمقتصد ابراهيم والسابق محمد صلوات الله عليهم وقال الاستاذ الظالم من نجم كواكب عقله والمقتصد من طلع يدر علمه والسابق من درت شمس معرفته.