التفاسير

< >
عرض

ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ
١٧

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } كان خاطر النبى صلى الله عليه وسلم ارق من ماء السّماء بل الطف من نور العرش والكرسى من كثرة ما ورد عليه نور الحق فكان ملطفا بنور نوره مرفقا بلذائه محبه وشوقه لا يحتمل رحمة مقالة المنكرين وهذا من كمال جلاله فى المعرفة لا انه لم يكن صابرا فى مقام العبودية بل كان عبيس الحق واهل ملكوته وسرادق مجده كيف يسمع سخرية المستهزئين على دنيه وشريعته فمنع ذلك امره الحق بالصبر على ما قالوا واعلمه بان ذلك امتحان من ولاية القهر والواجب على العاشق الصادق ان يستقيم فى مشاهدة القهر كما يستقيم فى مشاهدة اللطف واصل الصبر التلبس بنعت صبر الازل حتى يمكن احتمال اثقال امتحانه به والا كيف يحتمل الحدث واراد القدم وامر له بالاتصاف به ومع ذلك ذكره شان داود عليه الصلاة والسّلام فى صبره على ما قالوا فيه حين عشق بعروس من عرائسه حين تجلى الحق منها له فانه كان عاشق الحق وكان فى مبادى عشقه فسلاّه بواسطة من وسايطة حتى يلافنى فيه به ثم زاد فى وصفه حين قوت فى المحبة بالقوة الملكوتية بقوله { ذَا ٱلأَيْدِ } واحب نفسه له حامل اثقال قهره به راجع من الوسيلة الى الاصل بقوله { إِنَّهُ أَوَّابٌ } رجع الى الحق بنعت الندم على ما سلف من ايامه فى الفترة من عين القدم بغيره من اهل العدم وان كان طريقا منه اليه اى كن يا محمد كداود فى بلائى فانا بلاء الانبياء والمرسلين والعرفاء والصديقين قال شاء الكرمانى الصبر ثلثة اشياء ترك الشكوى وصدق الرضا وقبول القضاء بحلاوة القلب وقال بعضهم هو الفناء فى البلاء بلا ظهور واشتكاء قال بعضهم ----- ذا الصبر فى امر دينه.