التفاسير

< >
عرض

صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ
١
بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ
٢

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ صۤ } هذا الحرف من كنوز لطائف اشارات الحق الى حبيبه عليه الصلاة والسّلام حيث صادقه بنعت الوصال الذى يفنى عنه بصولة صدمات الازلية عند كشوف قهر القدم صفات الحدثية حتى صار صدق جواهر اسرار الربوبية فى بحار الذات والصفات فاصطاده الحق بزمام محبته من صحارى البريات وصفّاه بصفاء صفاته عن كدورات الكون فكان صفوا من بحر النبوة صاحبا فى مشاهدة البقاء بنعت صدق العشق فى رؤية انوار الكبرياء ما صدق عن مشاهدة جمال الحق الى الاكوان جبن عارضه صواعق الامتحان فخرج منها بوصف الصدق فى المحبة وصفوا الصحو فى المعرفة حين اسكر الحق صفوف ارواح الصادقين بشربات بحار وصلة ووصفه اخبر بحرف صاد من صفاوة قلوب العارفين وصدق حقائق محبة المحبين وتلهب نيران صدور العاشقين وحبابة اسرار الوالهين وصفوف اهل الاستقامة فى مقام مشاهدة القدم حين وازوا بنعت الفناء جلال البقاء واشارة التوحيد فيه انه كان بجلاله عظمة وفى قدم القدم موازل الازل بحار الصمدية صافية عن غبار الحدثان فاشار به عنه وبان كان مصدر كل الكل صدر منه الوجود اذ كان وجوده منزها عن الاجتماع والاقتران والعلل والانقسام اى اظهرت لك يا صادق ما كان وما سيكون وجعلت لك بصيرا ببصرت حتى تطلع على غيبوبة جلال وصالى فكنت مسروا بصورة روح الاول التى صدرت منى بيعتى ثم قال شطح من مقام السكر رمز حقيقة الاتحادية اهل الصحو صلوات الله وسلامه عليه بقوله من راقى فقد راى الحق ثم اراد ان يبين للعالمين بحرت الصاد وصف الربوبية وحقيقة محبة حبيبه ومنازله الرفيعة فى مقام ومباله فاقم بصفائه التى هى مفاتيح كنوز ذاته التى اخبر عنها بحرف الصاد فقال { وَٱلْقُرْآنِ } اى انت بالوصف الذى وصفتك بحق صفاتى القرأن ثم وصف القرأن بانه تجلى به من نفسه فيه القلوب العارفين فيورث منه اسرارهم انوار ذكره اذ هو ذكر القدم بذكر جميع الصفات والذات فواد المقربين وارواح الشائقين وهذا قوله { ذِي ٱلذِّكْرِ } يتذكر به العقول الراسخة معتبرات لطايف حقائق الربوبية التى برقت انوارها فى صنائع ملكه وملكوته ومقدورات قدرته ويدرك بنور قلوب الصادق انوار مشاهدته حين خاطبهم به اى بك وبالقرأن الى المحبوبين عن هذه الشواهد فى عزة وظلمة عن معرفتك وفى خلاف عن ادراك شرّفك وفضلك وفضل المئاب بقوله { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } لا يخرجون من مضيق غفلتهم الى فضاء المعرفة لانهم طردوا بسوط قهر الازل عن جناب القدم ما وهب لهم استعداد قبول نور المعرفة فبقوا الى الابد فى شره النفاق وظلمة الشقاق قال ابن عطا فى معنى الصاد قسم صفاء قلوب العارفين وما اودعت فيها من لطائف الحكمة وشريف الذكر ونور المعرفة قال الاستاذ صاد مفتاح اسمه الصاد والصبور والصمد والصانع اقسم بهذه الاسماء والقرأن قال ابن عباس صاد كان بحرها بمكة وكان عليه عرش الرحمان فلا ليل والانهار وقيل فى صاد ان معناه صاد محل قلوب الخلق واستمالها حتى امنوا به وقال بعض المشائخ فى قوله والقرأن ذى الذكرى ذى البيان الشافى والاعتبار والموعظة البليغة وقال الجنيد فى الموعظة البليغة والنور الشافى وقيل فى عزة وشقاق اى فى غفلة واعراض عما يراد بهم وذلك منهم قريب.